العدد الثامن

أبواب المجلة

افتتاحيّة

هذا هو العدد الثامن من مجلتكم العريب المتخصصة باللغة العربية وآدابها

يتضمن أبحاثا علمية رصينة ، مثل: الضمائر في القرآن المجيد ،فالتفريق بين أسلوب استخدام الضمائر في كل من الخطاب القرآني العلمي، والخطاب الإنساني الانفعالي الثقافي  يحتاج إلى وقفة تحليلية مشفوعة بالأمثلة ، كذلك تجدون في هذا العدد أثر دراسة الحديث النّبويّ في (نَحْو) سيبويه، إذ يرى بعضُ الباحثين أنّ علم (النَّحْو) قد شَهِد تداخلا معرفيًّا مع العلوم الأخرى، بل يشيرون إلى أنّه من أبرز العلوم الّتي شهدت هذا التَّداخل؛ ذلك أنّه يُعدُّ حالة معرفيّة يُتوصّل منها إلى تنظيم الكلام على وَفْق قواعدَ وأصول منهجيّة، استُخلصت من استقراء كلام العرب، وطريقتهم في الخطاب....كما أن هناك أخطاء في الكتابة وأخطاء في النطق، عاجها مستشارك اللغوي بطريقة علميّة سلسة..

بلسان مبين

الضمائر في القرآن

والالتزام بمقولة ( وجوب رجوع الضمير إلى أقرب مذكور قبله) كيف توصِلنا إلى مفاهيم غير منطقية.

 اللسان العربي المبين هو نظام صوتي منطقي متعلق بالكون، ومحكوم بقوانينه، وهذا يعني أن نتعامل معه مثل ما نتعامل مع أي       علم آخر، فلا يوجد فيه تساهل، أو مسايرة أو مجاملة  كما هو معهود في خطاب الناس لبعضهم بعضاً باعتمادهم على فهم المتلقي للخطاب، وحصول ذلك عنده،  فيستخدمون أحرف العطف بدل بعضها بعضاً، أو يقولون: إنّ أحرف الجر تنوب عن بعضها، أو يستخدمون ضمير الجمع، ويقصدون به المفرد...إلخ، غيرأنّ استخدامهم للكلمات محل بعضها دون مراعاة لاختلاف مفاهيم الكلمات عن بعضها، وكذلك التساهل في الخطاب، واستخدام الاستعارة  أو الكناية، أو التورية، أو المصطلح، أو محاولة تزويق الكلام، وتجميله باستخدام كلمات تدلّ على جمال،  وقوة، وصحة في الكلام ... إلخ ، فيقولون للمريض مثلاً: هو بعافية، وذلك مراعاة لشعور المريض أو تمنياً له بالشفاء، وهذا الأسلوب معروف في كلام الناس باسم المجاز، وهو أسلوب خلاف الحقيقة له مسوغاته الثقافية بين الناس، ولا يمكن أن يستغنوا عنه في كلامهم أو في صياغة الشعر  حتى قالوا: أجمل الشعر أكذبه، وما كان يعتمد على التصورات، والتخيلات وابتعاده عن الحقيقة والمجسدات ، وكما هو ملاحظ أن كلام الناس متعلق فهمه بمعرفة مقصد المتكلم، ولا يمكن أن نتعامل مع المبنى اللساني بمعزل عن الذي صدر منه الكلام أو ثقافة البيئة التي قيل بها الكلام، وتعلقه حينئذ بمستوى المتكلم العلمي والثقافي  ؛ وهذا يعني أن خطاب الناس فيما بينهم ليس خطاباً علمياً، ولا يمكن أن يخضع خطابهم لدراسة علمية ويستنبط منه قواعد لسانية، وذلك لقصورهم العلمي ، ومحدودية إدراكهم للواقع، وتساهلهم في الخطاب،  فهم كثيراً ما يبنون كلامهم على ما هو شائع ومنتشر بين الناس  حتى إنهم أرسوا مقولة: "هكذا تكلم العرب، وسمعنا نحن"، فاللسان معظمه سماعي وليس عقلياً أو منطقياً، وغير ذلك ما يقتضي نفي الصفة العلمية عن استخدامهم للسان العربي في خطابهم كائن من كان المتكلم أو في أي عصر كان يعيش، فلا يوجد كلام أحد حجّة أو برهان على أحد؛ وذلك لأنّ المتكلم نفسه متصف بالقصور والمحدودية، وهذا يعني أنه يستخدم الكلام نسبيا، وبما يعبر به عن مقصده وشعوره، ويضفيه على ألفاظه،  فالخطاب الذي يصلح للدراسة اللسانية، ويستنبط منه براهين، وقواعد لسانيّة علميّة هو الخطاب القرآني فقط، أمّا خطاب الناس فيما بينهم فهو خطاب انفعالي محكوم بثقافتهم الزمانية والبيئية، وقواعده اصطلاحية، وليست علمية ولو اقتربت من العلم والواقع، وهو يصلح للدراسة النفسية والثقافية، فينبغي عدم الخلط في أثناء الدراسة بين الخطابين، الخطاب الإلهي العلمي، والخطاب الإنساني الانفعالي الثقافي، فلكلّ منهما أسلوب في التعامل معه، فمثلاً من الخطأ أن نطبق قاعدة ( لازم الكلام لازم) وقاعدة

( مفهوم المخالفة) على خطاب الناس، وإلزامهم بما لم يقولوا أو يصرّحوا به؛ وذلك لأن الناس لا تستحضر في أثناء الكلام أبعاد كلامهم، وما يلزم منه في الواقع أو مفهوم الضد من صياغتهم اللسانية، وإن طُبّق عليهم هذا حصل اختلاف كبير بين الناس، ووقعوا بمشكلات عويصة، وفقدوا قدرة التواصل والتفاهم مع بعضهم، ولذلك يصوغ أهل القانون مواد القانون بصيغة راقية، وعالية وبدقة شديدة يتوخّون بها ضبط الكلام لحفظ حقوق الناس، وعدم استغلال أحد القانونَ بما يسيء من خلال صيغته اللسانية الاحتمالية، وما تدل عليه، وهذا يوصلنا إلى التفريق بين أسلوب استخدام الضمائر في كل من الخطاب القرآني العلمي، والخطاب الإنساني الانفعالي الثقافي. ولنأخذ مثلاً على ذلك استخدام ضمير الجمع في خطاب الناس الانفعالي الثقافي، وكيف يتساهلون به، ويستخدمونه محل ضمير المفرد، فكثيراً ما نسمع في خطابنا المعيشي اليومي الناس تقول: جئنا لعندك ولم نجدك، وذهبنا إلى عند فلان، واشترينا كذا، ورأينا كذا... إلخ، فإن أردنا أن نتعامل مع خطابهم بمنطق، وافتراض صدق المتكلم وصواب استخدامه للكلام نفهم منه أن الذي قام بالفعل هم جماعة وليس فرداً، ولو سألنا المتكلم عن مقصده لقال: أقصد أنا فقط وحدي من قام بالفعل، ولو سألناه لماذا تستخدم ضمير الجمع إذاً ؟ لقال لك: هذا تساهل في الخطاب فلا تدقق على لفظي، وخذ مقصدي، ولو سألنا علماء النفس لماذا يستخدم الفرد ضمير الجمع في التكلم عن نفسه  ؟ لقالوا: إن الفرد يحاول غالباً تشتيت السامع من التركيز على شخصه من خلال توسيع دائرة المتكلم، أوالذي قام بالفعل.

ولكن الغريب أن يأتي بعض الباحثين ليلاحظ استخدام الفرد ضميرَ الجمع  ليدل عليه فقط، فيرى ذلك أنه للتعظيم والتفخيم، ويأتي بطريقة الملوك والرؤساء في الكلام بصيغة الجمع نحو قولهم: نحن حضرتنا قررنا ما يلي ، ليبني من كلامهم هذا قاعدة لسانية بجواز استخدام ضمير الجمع محل المفرد للتفخيم والتعظيم، مع العلم أن كلام الملوك والرؤساء ليس برهاناً بحد ذاته ولا قاعدة لسانية فهم من سائر الناس، وأصل استخدام الملوك والرؤساء الضميرَ ليدل على أن القرار صدر من الدولة أو المؤسسة وهو ناطق باسمها فيستخدم ضمير (نحن) ويقصد به الدولة أو المؤسسة، ولا يقصد شخصه الفردي، وهذا لا ينقضه الاستبداد في الحكم والأثرة به واستمرار استخدام ضمير نحن للحاكم المستبد، فهو يقصد اندماج الدولة به فصارهو الدولة ذاتها، ويستمر باستخدام ضمير (نحن) ليضفي على شخصه الشخصية الاعتبارية الجمعية، ويصير فوق النقد والنقض الشخصي، ويحيط نفسه بهالة قداسة الدولة ،ويتحرك في الحياة وبين الناس وكأنه الدولة ذاتها، وبهذه العقلية الانفعالية والثقافية أتى بعض الباحثين لدراسة الخطاب الإلهي فقالوا: إن ضمير الجمع في الصياغة القرآنية المتعلقة بسياق الخلق، أو بالله هو من باب التفخيم أو التعظيم، ولا يدل على الجمع، وبذلك العمل فقد نقضوا صفة المنطق عن الخطاب الإلهي، واتهموا المتكلم بالكذب، ونفوا عن كلامه صفة الصواب في الواقع.

 والسبب هو تطبيق أسلوب الخطاب الإنساني الانفعالي على الخطاب الإلهي العلمي، وفاتهم أن قمة التعظيم والتفخيم والقوة أن يستخدم المتكلم ضمير الفرد ليدل على نفسه هو لا غيره؛ لنقرأ الخطاب الإلهي (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) (طـه:14)

ولم يأت الخطاب بصيغة الجمع ( إننا نحن الله لا إله إلا نحن...) إن كان الجمع للتفخيم والتعظيم فهذا الخطاب هو المناسب لذلك! ولنقرأ هذا الخطاب {وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} الأنبياء87، فالمقام هو مقام تعظيم وتفخيم وتقديس، وتنزيه فكان الأوْلى أن يأتي بصيغة الجمع بحسب قولهم ويصير الخطاب(... لا إله إلا أنتم سبحانكم...) بينما نلاحظ  أنه أتى بالإفراد (أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ). واضح من الخطاب أن التوحيد والإفراد هو العظمة والتفخيم والشدة والقوة والكبرياء (أَنَا اللَّهُ) ولم يقل: (نحن الله)! و لو أتى ضمير (نحن) بدل ضمير (أنا)، لدلَّ الكلام انطلاقاً من أن المتكلم صادق فيما يقول، وكلامه صواب ومنطقي مطابق لمحل الخطاب على ثلاثة احتمالات:

أ- المتكلم يمثل مجموعة يتكلم باسمها.

ب- المتكلم كاذب وهو يختبئ وراء الجمع ليخفي ضعفه، ويشتت تركيز السامع ويتنصل من المسؤولية.

ت- المتكلم لا يعرف صياغة الكلام، ودلالته، ويستخدم الألفاظ بشكل اعتباطي.

 فقمة التعظيم الإلهي هو إفراده بالتوحيد، واستخدام ضمير المفرد سواء أكان  للمتكلم (أنا) ((إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا) طـه:14، أم الغائب (هو) {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ) الحشر23، ولم يأت ضمير (نحن أو هم ) قط في سياق التوحيد أو التعظيم أو التقديس لله، ونلاحظ أن استخدام الضمير في الخطاب الإلهي أتى منطقياً متماسكاً مع منطق الوجود، وصواباً في صياغته، وصادقاً في خبره، لنقرأ:(إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي) (طـه:14) {يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }النمل9

{ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ }النحل2

{وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} البقرة163

{اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى} طه8

{هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ} الحشر23

{إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً} طه98

{ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ }القصص30

{قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} ص65

{قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ} فصلت6

{مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ} ق29

{إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَـئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} البقرة160

{نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} الحجر49

{إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} طه12

{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} الأنبياء25

{إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} الأنبياء92

{كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} المجادلة21

{وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} المؤمنون52

الضمير هو الذي يأتي في سياق الكلام ليدل على متكلم، أو مخاطب أو محل الخطاب سبق الكلام عنه، فينوب عنه ويتعلق به، وهذه الضمائر محكومة بمنطق واقعي صادق وصواب، بمعنى أن المفرد بالواقع يقابله ضمير مفرد، والمثنى بالواقع يقابله ضمير مثنى، والجمع بالواقع يقابله ضمير جمع، وإن كان المتكلم يتكلم عن غيره،  فله ضمير خاص يدل عليه معروف باسم ضمير الغائب (هو)، وإن كان المتكلم  يتكلم عن نفسه فله ضمير خاص يتعلق به يسمى ضمير المتكلم (أنا).

 هذه الأمور(المنطقية، والصدق، والصواب) ينبغي أن تكون ثابتة في أثناء الدراسة لأي نص قرآني، ولا يشذّ عن هذا الكلام أيُّ نص سواء علمنا بمحل خطابه أم لم نعلم، ولا يصح جعل عدم علمنا بمحل الخطاب مسوّغاً لاختراق القواعد هذه ونقضها وافتراء مفهوم لا يدلّ عليه الخطاب الإلهي في الواقع.

وبعد هذا العرض وصلنا إلى عائديّة الضمائر، وهي جوهر البحث والتدبر للخطاب الإلهي ومعرفة المتحاورين، وأول شيء ينبغي أن ننفي صفة القاعدة عن المقولة التي تقول:( الضمير يرجع لأقرب مذكور قبله) فهذه المقولة ليست قاعدة، وإنما هي على الغالب، وهي قاعدة في الخطاب الإنساني الانفعالي؛ لأنه لا يصح قطع الكلام بمعترضات، ومن ثم العودة لمحل الكلام الأول بعد مضي زمن عليه، فهذا يسبب التباس في الفهم أو  خطأ عند السامع ، بينما في الخطاب الإلهي يختلف التعامل معه، فهو يفهم وفق السياق، والمنظومة العامة للقران  محكوماً بالمنطق، وصواب الصيغة، وصدق الخبر، ولنأخذ مثلاً عملياً على سوء استخدام عائدية الضمير، والالتزام بمقولة ( وجوب رجوع الضمير إلى أقرب مذكور قبله) كيف توصِلنا إلى مفاهيم غير منطقية.

1- القول بنزول النبي عيسى في آخ الزمن فهماً من نص (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ) 57 (وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ) 58 (إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائيلَ) 59 (وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ) (الزخرف:60) (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ) (الزخرف:61) ، فمن المقصود بضمير الهاء في جملة:(وإنه لعلم للساعة فلا تمترُنَّ بها) هل هو النبي عيسى أم القرآن؟ معظم التفاسير نقلت عن بعضها تأثراً بحديث نزول عيسى، فقالت: إن المقصود من النص هو النبي عيسى نفسه، ويوجد مفسرون نقلوا الرأيين، ويوجد من رجح أنه القرآن، وليس النبي عيسى.

أ- تفسير القرطبي

قوله تعالى: " وإنه لعلم للساعة فلا تمترُنَّ بها " قال الحسن وقتادة وسعيد بن جبير: يريد القرآن، لأنه يدل على قرب مجيء الساعة، أو به تُعلم الساعة وأهوالها وأحوالها.

ب- تفسير التحرير والتنوير

 (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ) الأظهرأن هذا عطف على جملة {وإنه لذكرٌ لك ولقومك} [ الزخرف: 44] ويكون ما بينهما مستطردات، واعتراضاً اقتضته المناسبة. لمّا أشبع مقام إبطال إلهية غير الله بدلائل الوحدانية ثُني العِنان إلى إثبات أن القرآن حق، عوداً على بدْءٍ. وهذا كلام موجّه من جانب الله تعالى إلى المنكرين يوم البعث، ويجوز أن يكون من كلام النبي صلى الله عليه وسلم. وضمير المذكر الغائب في قوله: { وإنه لعلم للساعة } مراد به القرآن، وبذلك فسَّرَهُ الحسن وقتادة وسعيد بن جبير فيكون هذا ثناء ثامناً على القرآن، فالثناء على القرآن استمرّ متصلاً من أول السورة آخذاً بعضه بحُجز بعض متخلَّلاً بالمعترضات والمستطردات،  ومتخلصاً إلى هذا الثناء الأخير بأن القرآن أعلم الناس بوقوع الساعة. ويفسره ما تقدّم من قوله: {بالذي أُوحي إليك} [ الزخرف: 43 ] ويبينه قوله بعده { هذا صراط مستقيم }، على أن ورود مثل هذا الضمير في القرآن مراداً به القرآن كثير معلوم من غير معاد فضلاً على وجود معاده. ومعنى تحقيق أن القرآن عِلْم للساعة أنه جاء بالدين الخاتم للشرائع فلم يبق بعد مجيء القرآن إلا انتظار انتهاء العالم. وهذا معنَى ما روي من قول الرسول صلى الله عليه وسلم :« بُعِثتُ أنا والساعة كهاتين، وقرن بين السبابة والوسطى مشيراً إليهما » والمشابهة في عدم الفصل بينهما. وإسناد {عِلمٌ للساعة}، لأنّ القرآن سبب العلم بوقوع الساعة إذ فيه الدلائل المتنوعة على إمكان البعث ووقوعه. ويجوز أن يكون إطلاق العلم بمعنى المُعْلِم، من استعمال المصدر بمعنى اسم الفاعل مبالغة في كونه محصلاً للعلم بالساعة إذ لم يقاربه في ذلك كتاب من كتب الأنبياء ، لنطبق الشروط الثلاثة على الخطاب الإلهي( المنطقية، الصواب، الصدق) لمعرفة لمن يرجع هاء الضمير في (وإنه لعلم للساعة فلا تمترُنَّ بها وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ) الزخرف 61، وذلك من خلال دراسة النص وفق المنظومة العامة للقرآن وسياق الخطاب ومحله، نلاحظ أن النبي عيسى ليس علماً بحد ذاته بخلاف القرآن فهو علم، ونلاحظ أن النبي عيسى ليس هو الصراط المستقيم في جملة (وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ) واسم الإشارة متعلق بالعلم، والإتباع  للرسول يكون اتباعاً لما أتى به وليس لشخصه، وإن رجعنا قليلاً لما قبل هذه الجملة لقرأنا قوله تعالى: ( فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) 43(وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلونَ) الزخرف 44 ، فالصراط المستقيم هو ما أوحي إلى الرسول ذِكْراً له ولقومه الذي هو عِلْم للساعة ويجب اتباعه.

2-  لمن يعود ضمير الهاء في كلمة{وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ}

{أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إَمَاماً وَرَحْمَةً أُوْلَـئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ }هود17

 معظم التفاسير القديمة والحديثة قالوا في مفهوم (وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ) أحد هذه الأقوال: هو الله ذاته، أو جبريل، أو لسان النبي، أو شخص النبي نفسه، أو مَلَك موكل بحفظ القرآن، أو الإنجيل، أو عبد الله بن سلام، أو علي بن أبي طالب، أو المؤمنون المتبعون للقرآن، وانفردت ثلاثة تفاسير بفهم أقرب لمفهوم النص وهي:

أ- جاء في تفسير« البحر المديد في تفسير القرآن المجيد »للشيخ ابن عجيبة: والحاصل: "أن البينة أمر باطني، وهي: المعرفة، إما بالبرهان، أو بالعيان، والشاهد الذي يتلو هو العلم الظاهر، فيتفق ما أدركه العقل أو الذوق مع ما أفاده النقل، فتتفق الحقيقة مع الشريعة. كلِّ في محله، الباطن منور بالحقائق، والظاهر مُؤيد بالشرائع. وهذا غاية المطلوب والمرغوب."

ب- جاء في تفسير (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنَّان) للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي في الطبعة الأخيرة 1420 هـ:

ذكر تعالى، حال رسوله محمد ، ومن قام مقامه من ورثته القائمين بدينه، وحججه الموقنين بذلك، وأنهم لا يوصف بهم غيرهم ولا يكون أحد مثلهم، فقال: { أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ } بالوحي الذي أنزل  الله فيه المسائل المهمة، ودلائلها الظاهرة، فتيقن تلك البينة. ( وَيَتْلُوهُ) أي: يتلو هذه البينة والبرهان؛ برهان آخر (شَاهِدٌ مِنْهُ ) وهو شاهد الفطرة المستقيمة، والعقل الصحيح، حين شهد حقيقة ما أوحاه الله وشَرَّعه، وعَلِمَ بعقله حُسنه، فازداد بذلك إيماناً إلى إيمانه.

ج- وجاء في (التفسير الكبير) للخليفة الثاني للجماعة الأحمدية "بشير الدين محمود أحمد":واعلموا أن الشهادة الذاتية الداخلية هي أفضل هذه الشهادات درجة وأهمية، لأنها تصلح للحاضر والمستقبل، كما أنها تغني عن البحث عن أدلة أخرى في الواقع"

و قال:"... تأتي الشهادة بتأثيراته في المحل الثاني أهمية؛ لأنها ضرورية فيما بعد، ولولا هذه الشهادة لبقي صدقه أمراً مشتبهاً ومشكوكاً فيه بالنسبة للأجيال اللاحقة. ذلك أن كون الوحي في حد ذاته وحياً حقيقياً لا يكفي كحافز للناس على العمل به، بل إنه لابد من التدليل على أنه لا يزال صالحاً للعمل به ونافعاً في الوقت الحاضر أيضاً، وليس أنّه كان مُجدياً في الماضي فقط، ولكنه فَقَد تأثيره اليوم وحل محله وحي سماوي آخر نسخه وألغاه. فإذا ظهرت عليه ثمار جديدة تأكد لنا أنه لا يزال نافعاً لأهل هذا العصر الحاضر كما كان نافعاً للذين كانوا من قبل.

أما شهادة الأنباء السابقة فتأتي في الدرجة الثالثة، وإن كانت تشكل دليلاً مهماً للغاية، إذ لا تنفك تمهد لعقول الناس في كل عصر كي يؤمنوا بالحق عند نزوله، غير أنها لا تنفع إلا الذين تنكشف الحقيقة في زمانهم.

  لقد ساق الله هنا على صدق القرآن هذه الأدلة بأنواعها الثلاثة، فقال: إنه يحمل في نفسه الشهادة الداخلية على صدقه، كما أن أنباء الكتب السماوية السابقة أيضاً تتضافر على صدقه، ثم أنه يؤتي أُكله كل حين بإذن ربه في المستقبل بحيث لن يسع الناس إنكاره، وتكذيبه في الواقع.

  والدليل الأول جاء في قوله تعالى:( أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ ) أي أن القرآن الكريم أو الرسول الكريم الذي جاء به يحمل في نفسه أدلة ذاتية داخلية تؤكد بشكل حاسم أنه من عند الله تعالى.".  انتهى   والصواب هو أن الشاهد موجود في بنية القرآن ذاته من خلال مطابقته للآفاق والأنفس، وهو شاهد عِلْم يتلوه، وعودة لاستخدام ضمير الجمع في الخطاب الإلهي ولنأخذ أمثلة  عملية عليه:

1- (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9)

كلمة ( ذكر) عامة تشمل القرآن وغيره، ومَن نزل بالقران على النبي محمد في الواقع هو جبريل وليس الله،  وساهم في صياغته مجموعة من الملأ  الأعلى  كما هو ملاحظ من حوارات القرآن وصياغة الخطاب، والذي أمر بإنزاله هو الله، فمن الطبيعي أن يأتي ضمير الجمع ( إنا نحن)  وهذا صواب في الصياغة، وصدق في الخبر من حيث الواقع الذي حصل.

 وجملة (وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) متعلقة بالله وجبريل والملائكة وتعلق الخطاب القرآني بالكون من حيث انسجامه مع السنن والأنفع للناس وتماسكه المنطقي، وتعلقه بالمؤمنين الذين يحفظون الخطاب القرآني في صدورهم وينقلونه تواتراً إلى من بعدهم.

2- {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً}الإنسان2

ضمير(إِنَّا خَلَقْنَا) يدل على الجمع  والخبر صادق، والصياغة صواب ، ومنطقية الخبر قائمة من حيث أن الخلق  متعلق بالسنن والملائكة المكلفين بتسيير ذلك، والإشراف على عملية الخلق بإذن الله.

  ومثله هذه النصوص:

جمع المتكلم : {نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَس3-ْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً}الإنسان28

-{وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً }النبأ8

-{لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ }التين4

-{أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً } مريم67

......................

جمع الغائب- :(اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا) (الزمر:42)

(قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ) (السجدة:11)

فالواقع أن الله لا يباشر فعل التوفي للنفوس بنفسه، وإنما من خلال أمر ملك الموت بتوفي النفوس الذي بدوره معه مجموعة من الملائكة مكلفين بذلك {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }النحل28

 فضمائر الجمع في النص واضحة، وتفهم من خلال إسقاطها على محلها من الواقع ليصير الخبر صادق وصواب ومنطقي، خلقنا، ونعلم، ونحن، كلها تدل بداية على الله ومن ثم من ينفذ أمره من الملائكة في الواقع.

- {أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ }الواقعة64

فالنبات من المعروف أن الإنسان يزرعه في التربة، ولكن ليس هو الذي يجعله ينمو ويكبر ويثمر، وإنما عوامل كثيرة  مع بعضها تتضافر لنمو النبات وهي تمثل سنن الله في الزراعة.

- {وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ }فاطر9

  نلاحظ  فعل ( أرسل) أتى ليدل على  أن الذي قام به هو واحد وهو الله، بينما أتى فعل ( فسقناه) وفعل ( فأحيينا) بصيغة الجمع ليدل على وجود  أطراف أخرى  هي التي تباشر  تنفيذ أمر الله في الواقع.

- {فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً}الكهف65

كلمة (رب) في القرآن تعني التدبير،  والإدارة ، وتطلق على كل من يقوم بالتدبير والإدارة سواء أكان  الخالق أم من المخلوقين، نحو رب المال ورب العمل ورب الإبل ...إلخ، وهؤلاء الأرباب هم كائنات مخلوقة لله وخاضعة لأمره، وعبادتهم هي الخضوع لأمرهم وليس عبادة التعظيم والشعائر، ومن هذا الوجه تأتي كلمة عباد مضافة للجمع (عباد لنا). والقران لم يغط موضوع الأرباب مثل الملائكة والناس، وإنما ذكرهم من خلال استخدام الضمائر، وعلاقتنا معهم علاقة ربوبية وليست إلهية، أي علاقة خضوع وليس علاقة تعبدية وتعظيم ودعاء.

- {وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً} الكهف80

كلمة (فخشينا) يدخل بها العبد الصالح ومن هم أعلى منه من الأرباب لتعلّق الأمر بزهق حياة إنسان وعلم الغيب وهذا ليس تحت متناول العبد الصالح، بينما نجد في فعل خرق السفينة أرجع العبد الصالح الإرادة لنفسه فقط: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً } الكهف79، فنسب إرادة الفعل له وحده وليس للجماعة.

 وهذه النصوص هي نماذج، وليست للحصر والقارئ الحصيف والباحث النحرير يدرك تعلق الضمائر وعائديتها في الخطاب الإلهي من خلال  منطقية الخطاب واقعياً، وصدق المتكلم، وصواب الخبر، مع نفي شرطية تعلق الضمير بأقرب مذكور قبله، وعدم الخلط في نوعية الضمائر فما هو مفرد يكون للمفرد، والمثنى للمثنى، والجمع للجمع، والغائب للغائب، والحاضر للحاضر، والمتكلم يستخدم ضمير ( أنا) ، والآخر عندما يريد أن يتكلم عن غيره يستخدم ضمير الغائب ( هو) أو ضمير الخطاب ( أنت) ،  و يمكن أن يأتي في نص واحد عدة صيغ من الضمائر بمعنى أن يبدأ  النص بالمتكلم المفرد وينتقل إلى الجمع ويعود للمفرد، والقارئ أو السامع للخطاب يدرك الحدث كيف حصل من خلال فهم الضمائر وتعلقها بأصحابها، نحو مقولة: أتينا لعندك وطرقت الباب، ودخلنا إلى غرفة الجلوس وجلست بقرب المدفأة،  ومن ثم قمنا إلى الطعام، وانصرفت بعد ذلك فاجتمعت مع صاحبي في الطريق، وذهبنا إلى البيت ودخلت إليه وجلسنا جميعاً في الحديقة

 

أفصحنا(صلّى الله عليه وسلم)

أثر دراسة الحديث النّبويّ في (نَحْو) سيبويه:

يرى بعضُ الباحثين أنّ علم (النَّحْو) قد شَهِد تداخلا معرفيًّا مع العلوم الأخرى، بل يشيرون إلى أنّه من أبرز العلوم الّتي شهدت هذا التَّداخل؛ ذلك أنّه يُعدُّ حالة معرفيّة يُتوصّل منها إلى تنظيم الكلام على وَفْق قواعدَ وأصول منهجيّة، استُخلصت من استقراء كلام العرب، وطريقتهم في الخطاب.

ويقوم التّداخل المعرفيّ بين العلوم على أُسس ثلاثة - في رأي الأستاذ الدّكتور بان مهدي - وهي: التّأثّر والتّأثير، والتّشابه، والتّناسب والتّلازم.

وقد وجد الباحثون أنّ هذا التّأثير لم يكن من تداخل العلوم فقط، وإنّما لأنَّ المؤسّس الأوّل لعلم النّحو، أو (إمام النُّحاة) - كما يُترجم له - قد درس الحديث أوّلًا قبل أن يَلِجَ ميدانَ علم النّحو؛ ويقصدون: عمرو بن عثمان بن قَنْبَر - ويُروى في ضبطه: قُنَبْر - أبا بشر، مولى بني الحارث بن كعب - وقيل: مولى آل الرّبيع بن زياد - المُلقّب بـ(سيبويه) - أغفلت كتب التّراجم السّنة الّتي وُلِد فيها، واختلفوا كثيرًا في سنة وفاته - فيرى المختصّون الّذين عكفوا على كتاب سيبويه أنّ شخصيّته قد استوتْ على وَفْق مناهج المُحدّثين، وأُشربت الأُسس الحديثيّة في منظومته الفكريّة، فترآت آثارُها جليّة في المنهج الّذي اختطّه لنفسه في التّأليف اللُّغويّ متمثّلًا في كتابه.

ولا غَرْو.. فالإنسان بطبيعته يُسخّر ما يمتلكه من تراكم معرفيّ لتثبيت أفكاره، وهذا قد ظهر واضحًا على سيبويه الّذي امتلك هذا التّراكم الخاصّ بمصطلحات أهل الحديث لينقلها إلى علم النّحو.

 

ولعلّ من المناسب - في هذا السّياق - ذِكر القصّة الّتي أدّتْ إلى أن يتّجه سيبويه إلى دراسة علوم اللُّغة حتّى وصل إلى مكانته.

كان الحديث والفقه - في عصورٍ خلتْ - مِن أوّل ما يدرس العلماء، وهذا ما جعل سيبويه يتوجّه إلى دراستهما، فكان يستملي الحديث على حمّاد بن سلمة، وبينما هو يستملي قول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (ليس من أصحابي إلا من لو شئتُ أخذتُ عليه ليس أبا الدّرداء)؛ فقال سيبويه: (ليس أبو الدّرداء) - وظنّه اسم ليس - فقال حمّاد: لحنتَ يا سيبويه، ليس هذا حيث ذهبتَ، وإنّما ليس ها هنا استثناء، فقال: لا جرم، سأطلبُ علمًا لا تُلحّنني فيه أبدًا! فَلَزِمَ الخليلَ حتّى بَرَع في اللُّغة.

وفي خبر آخر يرويه حمّاد بن سلمة أيضًا، أنّه جاء إليه سيبويه مع قوم يكتبون شيئًا من الحديث، قال حمّاد: فكان فيما أمليتُ ذِكْر الصّفا؛ فقلتُ: "صعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الصّفا"، فكان هو الّذي يستملي؛ فقال: "صعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الصّفاء"، فقلتُ: يا فارسيّ! لا تقل: الصّفاء؛ لأنَّ الصّفاء مقصور، فلمّا فرغ من مجلسه كسر القلم، وقال: "لا أكتبُ شيئًا حتّى أحكم العربيّة".

 

فيبدو أنّ أثر هاتين الحادثتين - كما يرى بعضُ الباحثين - كان دافعًا جعل سيبويه يُقْدِم على تعلّم علوم العربيّة، والنّبوغ فيها، وما صدر عن حمّاد كان السّبب الرَّئيس الّذي صنع سيبويه النَّحْويّ.

 

وقد حمل سيبويه مع تلك الرّغبة الشّديدة لتعلّم النّحْو أدوات اختزلها من دراسته لعلم الحديث النّبويّ الشّريف، وطَفِقت تلوحُ في شخصيّته العلميّة، وتبدو آثارها جليّة في أسلوب بحثه، والمنهج الّذي اتّبعه لمعالجة القضايا اللُّغويّة في كتابه، فصار له طابعه الخاصّ.

 

وإنّ النّاظر بعين الفاحص في طريقة سيبويه ومنهجه، يرى بوضوح عرضه للآراء، ومناقشتها والحُكم عليها، وتحرّيه الدّقّة، فلا ينقل إلا ممّن يُحتجّ بلغته، ويتلمّس الباحث في كتابات سيبويه - في مواطن عدّة - ملامح المنهج الحديثيّ واضحة المعالم، وكلّ ما تشبّعت روحُه من (آداب المُحدّثين) مِن الإخلاص، وتصحيح النّيّة، والملازمة، والدّأب، وغيرها، بجانب (طرائق التّحمّل)، و(التّقسيم الوصفيّ للحديث)، كُلّ ذلك كانت أصداؤه واضحة في أروقة (كتاب) سيبويه بعد أنْ نقل مصطلحات علم الحديث لتدخل ميدان النّحْو؛ فوسم بعض التّراكيب النّحْويّة، واللُّغويّة بـ(الحَسَن)، و(الضّعيف)، و(الصّحيح)، و(الشّذوذ) كما صنع المُحدّثون؛ ومن أمثلة ذلك:

 

قوله: "والرّفع أجودُ وأكثر في (ما أنت وزيدٌ) والجرّ في قولك: (ما شأن عبد الله وزيد) أحسن وأجود".

وقوله: "فهذا ضعيفٌ، والوجه الأكثر الأعرف النّصب".

وقوله: "... فهذا إنْ جعلته استفهامًا فإعرابه الرّفع، وهو كلام صحيح".

وقوله: "هذا باب ما كان شاذًّا ممّا خفّفوا على ألسنتهم، وليس بمطّرد".

 

فهذه المصطلحات - حسن، وضعيف، وصحيح، وشاذّ - وغيرها قد استخدمها سيبويه بكثرة في كتابه.

 

وتجلّت فكرة (ما قُيّد بثقة) المنحدرة من (مناهج المُحدّثين)، في منهج سيبويه في كتابه، إذ تطالعنا في مواطن عدّة؛ ومنها قوله: "سمعنا بعض العرب الموثوق به"، وقوله: "حدّثنا مَن يُوثق به".

 

ونجد بوضوح بروز مسألة (ما قُيّد ببلدٍ معيّن من الحديث) بعدِّها حُكمًا يستعمله المُحدّثون قد ألقت بظلالها على التّقييم الّذي اتّبعه سيبويه للتّراكيب اللُّغويّة، والحُكم عليها متجسّدًا في أكثر من موضع من كتابه، وذلك نحو قوله: "هذا باب ما أُجري مجرى (ليس) في بعض المواضع بلغة أهل الحجاز، ثُمّ يصير إلى أصله".

 

وقوله أيضًا: "في قوله تعالى: {ما هذا بَشَرًا} في لغة أهل الحجاز، وبنو تميمٍ يرفعونها، إلا مَن درى كيف هي في المصحف"، وهكذا.

 

وبعد أن بدا واضحًا أثرُ مناهج المُحدّثين في الأسلوب الّذي اختطّه سيبويه في منهجه اللُّغويّ، يمكننا القول: إنَّ دراسة سيبويه للحديث النّبويّ الشّريف، واطلاعه على مناهج المُحدّثين قبل إقباله على علوم اللّغة، قد أثّر في بناء شخصيّته، وتحديد ملامح منهجه اللّغويّ الّذي تفرّد به، وتميّز به من غيره، وقد بدا

كواكب ونجوم

سيبويه.. تفاحة العربية..!

هو أبو بشر عمرو بن عثمان بن قِنْبَر، وسِيبَوَيْهِ هو لقبه الذي به اشتهر

حتى غطى على اسمه وكنيته، كانت أمه تحب أن تراقصه به وتدلـله في الصغر، وهي كلمة فارسية مركبة وتعني "رائحة التفاح". وهو إمام النحاة الذي إليه ينتهون، وعلم النحو الشامخ الذي إليه يتطلعون، وصاحب كتاب العربية الأشهر، ودستورها الخالد، فارسي الأصل ولد في حدود عام (140هـ / 756 م ) على أرجح الأقوال في مدينة البيضاء ببلاد فارس، وهي أكبر مدينة في إصطخر على بعد ثمانية فراسخ من شيراز، كان مولى بني الحارث بن كعب، ثم مولى آل الربيع بن زياد الحارثي، وقدم إلى البصرة غلاماً، وقدا اختلف في موعد قدومه  تحديدا، ونشأ فيها وأخذ عن علمائها، وعلى رأسهم الخليل بن أحمد الفراهيدي.له وصف لمخارج حروف اللغة العربية هو الأدق حتى الآن، انتقل وهو صغير مع

أسرته إلى مدينة "البصرة" في "العراق"، وكانت آنذاك من

مراكز العلم الكبرى في العالم الإسلامي، تمتلئ مساجدها

بحلقات العلماء في الفقه والحديث واللغة والأدب، وغيرها

من العلوم، ويقصدها طلاب العلم من كل مكان، وبدأ "سيبويه" في البصرة يتردد على حلقات الفقهاء والمحدثين، وكان يحب دراسة الفقه والحديث،

ولزم حلقة "حماد بن سلمة "، وكان واحدًا من أكبر العلماء في عصره.. وظل مدة طويلة يتتلمذ على يديه حتى حدثت له حادثة غيرت مجرى حياته، انتقل على إثرها إلى دراسة النحو وبرع فيه، حتى صار واحدًا من أكبر النحاة الذين ظهروا في تاريخ الثقافة العربية، ومن أكثر الأسماء شهرة سماء العربية....

سيبويه يخطئ في الحديث!

 

كان سيبويه وقتها ما زال فتى صغيرًا يدرج مع أقرانه يتلقى في ربوع البصرة ـ حاضرة العلم حينذاك ـ الفقه والحديث، وذات يوم ذهب إلى شيخه حماد البصري ليتلقى منه الحديث ويستملي منه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس من أصحابي أحد إلا ولو شئت لأخذت عليه ليس أبا الدرداء"

ولكن سيبويه لقدر قدره الله له، يقرأ الحديث على هذا النحو: "ليس من أصحابي أحد إلا ولو شئت لأخذت ليس أبو الدرداء …"فصاح

به شيخه حماد : لَحَنْتَ يا سيبويه، إنما هذا استثناء؛ فقال سيبويه:

والله لأطلبن علمًا لا يلحنني معه أحد، ثم مضى ولزم الخليل وغيره، ومن هنا كانت البداية فقد دفعه لحن؛ لأن يكون قوي الإرادة، ذا همة عالية، وطموحا كبيرا، ورواية أخرى تقول: في إحدى حلقات حماد بن سلمة للعلم والحديث قال حماد بن سلمة عن حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (ما من أحدٍ من أصحابي إلا لو شئتُ لأخذتُ عليه في خُلُقِه ليس أبا عبيدةَ بنِ الجراحِ) [مرسل ورجاله ثقات]، فاعتقد سيبويه أنّ أستاذه قد أخطأ في عبارة (أبا عبيدةَ بنِ الجراحِ)، فصححها له، وقال: (ليس أبو عبيدةَ بنِ الجراحِ) لاعتقاده أن كلمة أبا في هذه الجملة جاءت اسم ليس المرفوع، فقال له أستاذه: (لحنتَ وأخطأتَ يا سيبويه، ليس هذا حيث ذهبتَ، إنما ليس ها هنا استثناء)، فأجابه سيبويه: (لا جرم، سأطلب علماً لا تُلَحِّنني فيه أبداً)، فكان هذا الموقف والخطأ نقطة التحول في حياة سيبويه التي انطلق منها وعزم على دراسة علم النحو والبراعة فيه، حتى أصبح معلماً وعالماً يعقد الحلقات، ويأتيه الطلاب من كل مكان ليأخذوا عنه العلم، ويكتبوا عنه، ومن تلاميذه أبو الحسن الأخفش وأبو محمد بن المستنير البصري.

 

 

بقي سيبويه على هذه الحال حتى رحل إلى بغداد، وجرت بينه وبين الكسائي وهو إمام نحاة الكوفة مناظرة في أمور النحو، رحل سيبويه على إثرها إلى مسقط رأسه في بلاد فارس، وتوفي في شيراز،  وهو شاب عام 180هـ بعد مرض أصابه تاركاً وراءه ثروة كبيرة من العلم ينتفع منها الناس في كل زمان ومكان، أشهرها الكتاب ،وعُرف فيما بعد باسم كتاب سيبويه، وهو أول كتاب تدوّن فيه قواعد اللغة العربية بشكل كامل، ويعد دستورا لعلم النحو وقواعده، ويعده العلماء أهم كتاب كتب في اللغة العربية، وقد قال عنه الجاحظ: (لم يكتب الناس في النحو كتاباً مثله)، وسمي هذا الكتاب بهذا الاسم لأنّ سيبويه تركه بلا عنوان يحمله، وقسّم سيبويه هذا الكتاب إلى أبواب وأقسام عدة....

قضايا لغويّةونحويّة

اللّغة في حياتنا

 محاولات في معالجة صعوبة النحو .....!

صعوبة تعلّم النحو في اللغة العربية، حالة يعانيها كثير من الدارسين أو القراء على حد سواء، وهي ليست ظاهرة جديدة،  وبرزت محاولات كثيرة للتقليل من تلك الصعوبة، إمّا من خلال اختصار الكتب النحوية، وإما من خلال تغيير طريقة تعليمها، وإما من خلال حذف بعض الفقرات أو القوانين النحوية أو تعديلها.

النحاة العرب القدامى، كانوا مشغولين بتأصيل النحو والتوسع فيه، كونه القوانين التي تكفل سلامة اللغة، وتحافظ على كيانها النظري، سليماً صحيحاً وفصيحاً؛ لذلك لم يكن من السهل على أي من النحاة، القول بصعوبة النحو، إنما عمل بعضهم في ما يسمّى (الاختصار) لكتب النحو، فكان في تاريخ نحو العربية، عشرات الكتب التي حملت كلمة (اختصار) في عناوينها، أو ما يقابلها في المعنى كالإيجاز والموجز.

ويجمل عبد الوارث مبروك سعيد، في كتابه المؤلَّف أصلاً، كمحاولة لإصلاح النحو، واسمه (في إصلاح النحو العربي) أسماء عشرات المصنفات العربية التي جاءت بعنوان اختصار النحو، محاولة منها لتخليصه من عيب "التطويل" الذي يعتبره سعيد أحد عيوب النحو. فيذكر (مقدمة في النحو) لخلف الأحمر، و(مختصر في النحو) للكسائي، و(مختصر النحو) لأبي موسى الحامض، وذات العنوان الأخير في مصنفات للزجّاج وابن شقير، و(الموجز) لابن الخياط، و(الجمل) للزجاجي، و(التفاحة في النحو) لأبي جعفر النحاس، وهو من أكثر المصنفات الدالة على ضرورة الاختصار في علم النحو، وتقديمه بأسهل الطرائق، وكان من أفضل الكتب في هذا السياق.التطويل والاضطراب والجفاف ،هناك جملة عيوب في كتب النحو القديمة، ويجملها الدكتور عبد الوارث مبروك في كتابه (في إصلاح النحو العربي) بـ(الاضطراب) الذي "أنتج ظواهر كانت وما زالت مصدر صعوبة كبيرة يعاني منها دارسو النحو"، و(التطويل) إذ تعاني "كتب النحو من الطول المفرط الناشئ عن التكرار والاستطراد والحشو"، و(جمود اللغة)، لأن "لغة كثير من كتب النحو القديمة يعيبها ما فيها من جفاف ومبالغة في التكثيف"، و(الجفاف) بسبب "الاكتفاء بالقواعد النظرية المجردة".

وقال خلف بن حيان الأحمر البصري المتوفى سنة 180 للهجرة، في مصنّفه الذي وضعه خاصة من أجل تلافي عيوب كتب النحو، في مقدمة مصنفه (مقدمة في النحو): "لمّا رأيت النحويين وأصحاب العربية أجمعين، قد استعملوا التطويل وكثرة العلل، وأغفلوا ما يحتاج إليه المتعلّم في النحو من المختصر والطرائق العربية، والمأخذ الذي يخف على المبتدئ حفظه، فأمعنتُ النظر والفكر في كتاب أؤلفه وأجمع فيه الأصول والأدوات، ليستغني به المتعلم عن التطويل". وفي تأكيد لافت منه إلى أن هذا الاختصار سيغني عن المطولات، يقطع بقوله: "فمن قرأها وحفظها، وناظَرَ عليها، عَلِمَ أصول النحو كلّه".

التطويل هو العيب الأشهر، والقديم، في كتب النحو، ويضاف إليه ما سمّاه الأحمر (كثرة العلل) وهي مجموعة من الاستطرادات، والتضمينات والشواهد، التي تنضم للتطويل، فيتحدان في إنتاج صعوبة تعلّم النحو، قديماً.كتاب خلف الأحمر، وغيره، لم ينه مشكلة عيوب كتب النحو، كما سيظهر لاحقاً، إذ استمرّت الظاهرة واستمرت معها الإشارة إلى صعوبة النحو، فصدر كتابٌ يصطدم مباشرة مع النحويين، ووضع أصلا لمعالجة عيوب كتب النحو، وهو كتاب (الرد على النحاة) لابن مضاء اللخمي القرطبي، أحمد بن عبد الرحمن، 513-592 للهجرة.

ومثل الأحمر، صرّح ابن مضاء، بمآخذه على كتب النحويين: "إلا أنهم التزموا ما لا يلزمهم، وتجاوزوا فيها القدر الكافي فيما أرادوه منها، فتوعّرت مسالكها، ووهنت مبانيها، وانحطت عن رتبة الاقناع حججها". ويوضح مقصده من تأليف كتابه: "قصدي في هذا الكتاب أن أحذف من النحو ما يستغني النحوي عنه". فيطرح إلغاء (العوامل) و(الحذف والتقدير) مبيناً أنه "لا حاجة إلى تقدير متعلق الجار والمجرور" و "لا حاجة إلى تقدير الضمائر في الصفات" وكذلك "إسقاط العلل الثواني والثوالث" و "إسقاط التمارين" وغيرها. ويؤكد الدكتور محمد إبراهيم البنا في تقديمه لكتابه، أن ابن مضاء، لم يكن الوحيد بطرح الحذف من كتب النحو، فقد سبقه ابن حزم الظاهري المتوفى سنة 456 للهجرة، وابن سنان الخفاجي المتوفى سنة 466 للهجرة، وسواهما.وبدأت محاولات إصلاح النحو العربي الحديثة، منذ القرن الثامن عشر، وجميع تلك المحاولات قامت على مبدأ "تبسيط" النحو وتسهيله وتخليصه مما لا حاجة للطالب به، من حشو وإطالة وخلاف بين المدارس النحوية. وكان كتاب المصري رفاعة الطهطاوي (1801 - 1873) للميلاد، والمعروف باسم (التحفة المكتبية لتقريب اللغة العربية) والذي صدر عام 1868م، واحداً من أوائل وأهم الكتب الحديثة التي تم وضعها في سياق إصلاح النحو العربي، باستخدامه "لغة سهلة مباشرة" و "تحاشي الخلافات النحوية" وغيرها.

وكتاب "الدروس النحوية لتلاميذ المدارس الابتدائية" عام 1887م، وتلاه عام 1891م كتاب "الدروس النحوية لتلاميذ المدارس الثانوية". ثم كتاب "النحو الحديث" لمرسي مصطفى الحميدي عام 1929، ثم عشرات الكتب والأبحاث والمقالات التي لا تزال توضع في سياق إصلاح النحو العربي، ككتاب "تحرير النحو" الذي صدر عام 1958م، وكتاب "النحو الوافي" لعباس حسن، و "النحو المصفى" لمحمد عيد.وكان كتاب (التفاحة في النحو) لأبي جعفر النحاس النحوي المصري، والمتوفى سنة 338 للهجرة، واحداً من أفضل المصنفات القديمة التي تم وضعها خاصة لمعالجة عيب التطويل والحشو. ولا يزال صالحاً للتعليم في المدارس، لما فيه من بساطة ويسر وإيجاز، على الرغم من مرور أكثر من عشرة قرون على وضعه.

 

لهذا ينفر التلاميذ من درس النحو؟ وما هي الحلول؟

ويوجد اتفاق على أن صعوبات النحو العربي ناتجة من "منهاج النحو" ذاته الذي "يرهق المتلقي بكثرة أبوابه وتفريعاته وأبنيته وصيغه الافتراضية التي لا تجري في الاستعمال اللغوي" حسب الدكتورة نجاة عبد الرحمن علي، عميدة كلية التربية في مدينة الطائف السعودية، في ورقتها البحثية التي قدمتها للمؤتمر الدولي الخامس لقسم النحو والصرف والعروض، الذي أقيم في القاهرة عام 2009.ونقلت في ورقتها، أن ما تحتاج إليه القواعد اللغوية هو "شيء من التنظيم والتنسيق" وعرض المادة "في أسلوب عصري" يخلو من "ما لا حاجة بطلاب العلم به، من التفصيلات والتفريعات والتعليلات"، ومن ثم "إعادة النظر" في قواعد اللغة، و "الاستغناء" عما لا يفيد منها، من خلال ربط قواعد اللغة "بالواقع المعايش"، بدور فعّال "للأسرة" و "وسائل الإعلام" مؤكدة أن "الغالبية العظمى من التلاميذ، ينفرون من الدرس النحوي ويدرسونه بدون حُب واستمتاع"، إذ يتم تدريسهم النحو "بطريقة جافة".وتطرح بالنقل، التدرج في تعليم التلميذ النحو، وبدءاً من السنتين الخامسة والسادسة الابتدائيتين، واختيار "المنهج المناسب" لكل مرحلة دراسية، و "حسن العرض" و "عدم التكرار والإطناب" و "دراسة النحو بعيداً عن التقعير" واستخدام الفصحى في الدروس، منتهية إلى وجوب "تخليص" المادة النحوية المقدمة للطلاب مما "حشيت به".

وأقرّ مجمع اللغة العربية الذي انعقد في دمشق عام 2002، جملة من العيوب التي شابت كتب النحو، ومنها ما أورده العلاّمة العراقي الراحل أحمد مطلوب، حيث أجملها بـ "الاهتمام بالقواعد أكثر من النصوص" و "كثرة العلل والحجج" و "كثرة المصطلحات" و "كثرة الآراء" و "جمود الأمثلة". منتهياً إلى أن النحو الذي يريده المعاصرون، هو "ما كان سهل التناول وواضح القواعد ورائع الشواهد والأمثلة وبديع العرض والشرح ومعبراً عن روح العصر".

 

قضايا أدبيّة ودراسات نقدية

 

الصورة النمطية للبنات في الشعر العربي

عمران بن حطان لَوْلَا خوفه من ضياع بناته لَكَانَ له مجَال وَاسع فِي الأَرْض، وَإِنَّمَا لَزِم مَكَانه بسببهن، وآثر البقاء إلى جانبهن على الرغم من شظف عيشه ، وضيق ذات يده...

لَوْلَا بنيات كزغب القطا .......... ..رددن من بعض إِلَى بعض

لَكَانَ لي مُضْطَرب وَاسع ... فِي الأَرْض ذَات الطول وَالْعرض

 لقد جسد شعر الآباء في بناتهم صفاء الحب، ونقاء السريرة، وتعانق الود والتآلف، وحمل الشعر لنا بهجة الآباء ببناتهم، زمن الولادة، وفاض بالسعادة الغامرة واصفاً المداعبة والملاعبة، وتألق بالأنس في المحادثة والمجالسة ومجاذبة الحوار، وصوّر الشعر البنات رياضاً يدلف الآباء إليهن حين تكفهر الحياة أمامهم، وأشرق بالحبور والسرور في بهجة حفل الزواج ومسرح الطرب والفرح، ووصف لنا انكماش الأبوين بانتقال الابنة الحبيبة إلى الحياة الزوجية الجديدة، وخلو البيت منها، واستشعر الشعر أثقال الحياة التي تلوح في ضباب الحياة لبناتهم، وروعنا الشعر بمآسي البنات في أمراضهن وغربتهن، وشارك الشعراء بناتهم المصائب التي تداهمن بفقد أولادهن ثم استبكانا كثيراً شعر الرثاء للبنات حتى إننا لم نر شعراً يحمل حزناً أصدق إحساساً من لوعة الشعراء على بناتهم.

فمن الصور الشعرية للبنات ولادة البنت في مستهل الحياة الزوجية فهو أمر موح بالخير والبركة، فخير النساء من بكّرت بأنثى، فهي تخدم أسرتها وتنشر المرح والمداعبات، وتجمع شمل العائلة، ويتعلق بها قلب الأب ويكنى بها فتحتل مكانة كبيرة، وفي هذا الحقل الدلالي انبرى الشعراء يهتفون ابتهاجاً بولادة بناتهم، فهذا شاعر يصوّر مولد ابنته (نجاة) بأنها «هتفة من هتفات الحياة يتخللها الأمل» فأول هاجس هو يتمثل في أعظم أمنية له أن تكون حياتها ناجية من المنغصات والأمراض، فهل هناك عاطفة أقوى من تلك العاطفة التي تنزع بقدوم البنت ثم هو يتمنى لها أن تؤدي رسالة الطهر والعفاف وأن تحمل راية العمل الصالح والعلم النافع، ثم يجعلها أنشودة الحياة وطيورها المغردة، وهي تضيء البيت، وتبث البهجة في القلوب بابتسامتها التي يدعو إلى نثرها، بل إن إطلالتها ومداعبتها إنما هي نسمات الفجر، وحفيف أشجاره، وأغصانه وأنهاره، وهذه الصور التي استدعتها البنت من ألوان السعادة في هذه الحياة.

ليلة الشك جئت يازهرة الشـ      ـشك، فكان اليقين أولى هباتك

يا«نجاتي» مناي لو ضمن الدهـ  ـر ـ على بخله ـ جميل نجاتك

فتؤدي رسالة الطهر وسعـ         ـي قوة منك تختفي في سمائك

وتغذي الحياة من شرف الخلـ          ـلق فتعلي بها مكان لداتك

أنت أنشودتي الصغيرة في الدنـ         ـيا فهذا الغناء من نغماتك

وابتساماتك الجميلة تغلي                لذة العيش فانثري بسماتك

أنت ترنيمة الصباح، إذا ما             أقبل الفجر حاملاً همساتك

أنت لي هيثم ـ تعجل ـ رفافاً             وهذا الرفيف في حركاتك

وأنا النسر نال في أفق الشعـ           ـر مدى تلمسينه في غداتك

ومن صور مداعبة الآباء لبناتهم ما يقوله الشاعر حسن القرشي عندما صور مشاجرة طفلته الصغيرة مع أخيها منطلقاً إلى وصف تلك الطفلة في أسلوب سردي قصصي، يرسم فيه الغم والهم الذي أصاب ابنته جراء اعتداء أخيها على لعبتها، ويصور لنا تصويراً مسرحياً أحوالها وهو قد تفاعل مع ابنته بروح مرحة خفيفة، تتدفق فيها مشاعر الأبوة الحانية التي تفيض بالود والرقة:

أتتني على الصبح بنتي الصغيرة    وفي صوتها رعشة مستجيرة

وفي فمها لثغـــــــة حلــــــــــــوة        تموسق أحلام قلبي الأسيرة

أتت تشتكي من أخيها الصغير         فقد داس إحدى دماها الكثيرة

 

أتتني.. فيا زهرة الأقحوان      ترف بآمال روحي الحسيرة

لها اسم الحبيبة أمي الرؤوم       وفي جرسها نغمات أثيرة

وفي خطوها ـ أي خطو صغير ـ      دلال كأن فتاتي أميرة

فقلت لها يا ابتسام الربيع     ويا ضوء هذي الحياة الضريرة

سآتيك يومي بخير الدمى          فإن الفتى قد أتاها جريرة

فكيف يعابثها بالهوان               وأنت لها مثل أم خطيرة

وكيف يدوس التي في حماك      سيعلم كيف أربي شروره

وإن شئت أن تصفحي فهو أولى   وتعطيه لعبة طفل حقيرة

فقالت إذا ما رأيت الدمى         صفحت فإني بعفو جديرة

ولكنني لست أعطي دماي       وإن كن مثل التلال الكبيرة

تعيشين لي يا بنتي في سلام       فإنك كنز حياتي النضيرة

وبعد أن تتجاوز البنت مرحلة الطفولة، يهرع كثير من الشعراء إلى بناتهم لمناجاتهن ومحادثتهن وبثهن همومهم، فهذا الشاعر آخر يدلف إلى ابنته (غادة) بعد أن أعيته الحوادث، كي تخفف عليه من وطأة الحياة التي أبكت عيونه، فتكالب الإنسان وخداعه، ومكره الخفي، وتجاوز حدوده على الشاعر قد فجرت مشاعره، وألهبت جوانحه، فأصحاب الحقد الدفين لا يتركونه بحاله، إنما يؤججون نار الفتنة من حول الشاعر، بل إن القريب والقرين كلاهما ينسج مؤامرته كي تنال من الشاعر فإذا هو يفزع لابنته التي هي بمنزلة الطبيعة التي يهرب إليها الرومانسي، فهي تضمد جراحه، وتشفي غليله، وتجلو همومه، وتمده بالحنان والرقة والملاطفة التي يفقدها عند من يحيطون به، فهي مصدر الحب، ومآل الصديق الذي يصدقك:

 

أدركيني أدركيني    غادتي كي تنقذيني

تنقذيني من نحيب    قرحت منه جفوني

إنني في هذه الدنيا          سعيد كحزين

كلما رمت التنائي    عن متاهات السنين

عن بنيات الليالي   عن ذوي الحقد الدفين

واجهتني ترهات      من قريب أو قرين

همه التنقيب والبحث   عن الأمر المشين

ثم ولى لا يبالي       بامتعاضي وأنيني

أحمد الله لأني        لم أضيع أمر ديني

وإذا همت اشتياقاً      للمعالي أي حين

صعداً طوفت في الأقذال  بالحبل المتين

أو ما تدرين أني       دائماً أخفي حنيني

أجعل الصبر سلاحي  ملء سمعي وعيوني

ومن مشاركة الآباء لبناتهم أفراحهن في ليلة زفافهن، هذا الشاعر يحتفي بابنته أميمة ويبتهج في ليلة زفافها، ويتمثّلها مشرقة كالبدر، تملأ الدنيا جمالاً وسروراً ويحمد الله ويثني عليه، أن منحها الله الحسن والبهاء، والطهر والحياء، ويتأملها في حلة العروس البهية التي أخذت من التقاليد العربية، ولا بهاء للثوب إذا لم تكن العروس تتلبّسه، فهي التي تكسبه الجمال والحيـاة:

أشرقي كالبدر نوراً وسناء    املَئي الدنيا جمالاً ورواء

جل من سواك حسناً وبهاء   ثم زان الحس طهراً وحياء

ونقاء وصفاء وذكاء             إنه ما أحلاه ثوباً عربياً

أي كف نسجته نقيا               حينما أسدلته كان حفياً

ثم لما زنته صار زهياً      كيف لا يزهو وقد أصبح حياً

صانك الله بعين لا تنام           ورعاك سميراً في الأنام

ولتعيشا في صفاء ووئام   في دروب الحب في دنيا السلام

والشاعر لم يقف عند توديعها، بل لم يعلن التوديع لكونها دائمة الحضور في قلبه، وكشف عن أمنيات الأب لابنته، فهو يحمل هاجسها الدائم فبعد ليلة البناء، طافت به أمانيه إلى أولاد ابنته وحياته التي يتمناها سعيدة، بل إنه تصور البيت وقد ازدان بعبث الطفولة:

إنني أرقب في يوم قريب            طفلة كالبدر، أو طفلاً نجيب

قد كساه الحسن بالثوب القشيب   يتناغى وهو كالغصن الرطيب

أين منه إن تغنى العندليب           يملأ البيت ضجيجاً وحبوراً

حين يصحو حين يحتاج أمورا       ظل في عينك بدراً وأميراً

وملاكاً هبط الأرض صغيرا        يملأ الدنيا ابتهاجاً وسرورا

أنت في يومي وعند الأمسيات       ذكريات تتجلى في حياتي

 

يشهد الفجر ندي النسمات 

 إنها والله أغلى الدعوات

يقبل الله دعائي وصلاتي

وإن من أكبر المآسي التي يصاب بها الإنسان فَقْد الآباء أو الأولاد، فالهاجس الذي ينغص حياة الفرد هو تفكيره في موت آبائه أو أولاده، والأب والأم أكثر توجساً، فإذا تقوضت أركان أحد الأولاد فإن الحياة تكسوها غاشية وأي غاشية، فالحدث جلل والمصاب عظيم، ولا حول للإنسان ولا قوة إلا بالله، وليس له إلا أن يقول: {إنا لله وإنا إليه راجعون} فما يلقاها ويستلهمها إلا الذين آمنوا واتقوا. ولا ريب أن نجد رثاء الأولاد بنين وبنات يكثر في الشعر العربي ومما يعنينا رثاء البنات، وأغزر رثاء يطالعنا هو رثاء الصنوبري لابنته في اثنتي عشرة مقطوعة وقصيدة، فهو دائم البكاء، شديد التعلق بها. يقول:

نساء في حداد صائحات      كغربان تصايح في الوكور

ينادين الأحبة في صخور وكيف يجيب من تحت الصخور

وللشاعر غازي القصيبي قصيدة كتبها يوم زفاف ابنته ومطلعها:

العمر أنت ورياه ورونقه   وأنت أطهر ما فيه وأصدقه

وجاء فيها:

وأين كومة أشيائي تبعثرها      وأين دفتر أشعاري تمزقه

وأين في الرمل بيت كنت أصنعه  لها فتسكن فيه ثم تسحقه

 

تسع وعشر من الأعوام كيف مضت   من الزمان يكاد البرق يلحقه

هي العروس التي يختال موكبها          شيء أراه ولكن لا أصدقه

يمازج الورد من دمعي فيا لأب       يلقاك بالدمع والأفراح تخنقه!!

 

 

 

مستشارك اللغوي(أخطاء وتصويبات)

- يَكتُبُون: (يَا أيُّهَا النَّاسُ)، وَ (يَأيُّهَا النَّاسُ) في الرسم القرآني حَيثُ تُكتَبُ يَاء النِّدَاءِ المتَّصلَةِ بالهَمْزَة دُونَ الألِفِ، يَجُوزُ الوَجْهَانِ.

- يَكتُبُونَ: (رَأيتُ عَمْرواً) وَالصَّوَابُ: (رَأيتُ عَمْرًا، والسَّبَب؛ لأنَّ (وَاوَ) عَمْرو تَسقُطُ فِي النَّصب وَتَخلُفُهَا الألفُ إلا إذَا وُصِفَتْ بابن مثل قَولِي: مَدَحتُ عَمرُو بنَ العَاص؛ ولأنَّ (عُمَرَ) مَمنُوعٌ من الصَّرف؛ لِذَا نَستَطيعُ فِي حَالَة النَّصب التَّفريقَ بَينَ (عُمَرَ) و (عَمْرُو) بِحَذف وَاو الثَّانية وَإضَافة ألف إليهَا، وَتُكتبُ الوَاوُ ولا تُلفَظُ فِي (عَمرُو) للتَّفريق بَينَهَا وَبَينَ (عُمَرَ) الممنُوع من الصَّرف، عَلَى أنْ يكُونَ عَلَمًا غَيرَ مُضَافٍ لضَمِيرٍ (عَمْرِي) ولا مُصَغَّرًا عُمَيْر) ولا مَنصُوبًا مُنَوَّنًا (عَمْرًا) أي: فِي حَالَة الرَّفع، نَحو: عَمرُو بنُ العَاص فَاتحُ مِصْرَ، وَفِي حَالَة الجَرِّ نَحو: أخذتُ الكتَابَ مِنْ عَمرٍو.

- يَكتُبُونَ: (قطر أبنَاءَهَا وَطنيُّونَ) وَالصَّوَابُ: (قطرُ أبنَاؤُهَا وَطَنيُّونَ) والسَّبَب؛ لأنَّ (أبنَاؤُهاَ) فِي المثَال الثَّانِي تُعرَبُ مَبتَدَأ ثانيًا، فَتُكتَبُ الهَمزَةُ عَلَى الوَاو، أمَّا فِي حَالَة نَصبِهَا تُكتَبُ عَلَى السَّطر (أبنَاءَهَا)، وَفِي حَالَة الجَرِّ تُكتَبُ هَكَذَا (أبنَائِهَا).

- يَكتُبُونَ: (رَحِمَ الله امْرِئٍ عَرفَ قَدْرَ نَفْسِهِ) وَالصَّوَابُ: (رَحِمَ الله امْرَأً عَرفَ قَدْرَ نَفسِهِ) ؛ لأنَّ (امْرَأً) تُعْرَبُ مفعُولاً به مَنصُوباً وَعَلامَة نَصبِهِ الفَتْحَة.

- يَكتُبُونَ: (عَمَّا نَتَسَاءَلُ؟ وَفيمَا نَتَنَاقَشُ؟) وَالصَّوَابُ: (عَمَّ نَتَسَاءَلُ؟ وَفيمَ نَتَنَاقَشُ؟)؛ لأنَّ (مَا) الاستِفْهَاميَّة تُحذَفُ ألفُهَا عندَ الاتِّصَال ب(فِي أوْ عَنْ) حَرفَي الجَرِّ.

- يَكتُبُونَ: (سَقَّاءًا وبَنَّاءًا) بالألف بَعدَ الهَمزَة، وَالصَّوَابُ: (سَقَّاءً) والسَّبَب؛ وُجُود ألِف قَبْلَ الهَمْزَة.

- يَكتُبُونَ: (إذَا لَمْ تَستَطيع الأُمَّة إيقَافَ السَّيل الجَارف استَعَانَتْ برجَال....) وَالصَّوَابُ: (إذَا لَمْ تَستَطعْ الأُمَّةُ إيقَافَ...) والسَّبَب؛ لأنَّ الفعلَ (يَستَطيع) فعلٌ أجوَفُ سَاكنُ الآخر، والقَاعدَةُ الصَّرفيَّةُ تَقُولُ (إنَّ الفعلَ الأجوَفَ أي: المعتَلَّ الوَسَط إذَا سُكِّّنَ آخِرُهُ وَجبَ حَذفُ وَسَطه؛ تَخَلُّصًا من التقَاء سَاكنَينِ وَهُمَا اليَاء السَّاكنَة وَآخِر الفعل السَّاكِن، وَمثله: لَمْ يَكُنْ، لَمْ يَنَلْ.

- يَكتُبُونَ عَلَى شَاشَة التِّلفَاز (إتَّصِلْ الآنَ تَربَح جَائزَةً قَيِّمَةً) وَالصَّوَابُ: (اتَّصِلْ الآنَ تَربَحْ ..) والسَّبَب؛ لأنَّ هَمزَةَ الفعل (اتَّصِلْ) هَمزَةُ وَصلٍ فَلا تُكْتَب؛ لأنَّ الفعلَ خُمَاسيٌّ وَكَذَلِكَ هَمزَة مَصدَره وَمَاضيه، فنقول: (اتَّصَلَ– اتَّصِلْ– اتِّصَال).

- يَكتُبُونَ: (أكَلتُ التُّفَّاحَةَ حَتَّى نِصْفهَا) وَالصَّوَابُ: (أكَلتُ التُّفَّاحَةَ إلَى نِصْفِهَا) والسَّبَب؛ لأنَّ (حتَّى) تَختَصُّ بغَايَة الشَّيء بِخلاف (إلَى) فَإنَّهَا عَامَّةٌ، وَيُشتَرَطُ فِي الاسم الوَاقع بَعدَ (حَتَّى أنْ يَكُونَ آخِراً، قَالَ الله تَعَالَى فِي شَأن لَيلَة القَدر: {سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}.

- يَكتُبُونَ عَلَى شَاشَةِ التِّلفَازِ إسْألْ – إستَشِير) وَالصَّوَابُ: (اسْألْ - اسْتَشِرْ) والسَّبَب؛ لأنَّ هَمزَةَ اسْألْ) هَمزَةَ وَصلٍ؛ لأنَّهُ أمرُ الفعل الثَّلاثيِّ، والفعلُ (استَشرْ) تُحذَفُ يَاؤُهُ؛ حَتَّى لا يَلتَقِي حَرفَانِ سَاكنَانِ، والقَاعدَةُ الصَّرفيَّة تَمنَعُ ذلك، ويكتبون الإئتمان بهمزة قطع خطأ ، الائتمان مصدر ائتمن الخماسي همزته وصل..

- يَكتُبُونَ عَلَى العَلَم العِراقِيِّ (ألله أكبَر وَالصَّوَابُ: (الله أكبَر) والسَّبَب؛ لأنَّ هَمزَةَ (أل) هَمزَةُ وَصلٍ لا قَطع، فَلا أعلَمُ مِنْ أينَ أتَوا بِهَا هَمزَةَ قَطعٍ ؟!.

- يَكتُبُونَ: الأسكَندَريَّةُ مُحَافَظَةٌ جَميلَةٌ) وَالصَّوَابُ: (الإسكَندَريَّة مُحَافَظَةٌ جمَيلةٌ) والسَّبَب؛ لأنَّ الإسكَندَريَّةَ سُمِّيَتْ بِهَذَا الاسم؛ نسبَةً إلَى الإسكَندَر الذي فَتَحَهَا.

- يَكتُبُونَ: (إفْرِيقيَا قَارَّةٌ وَاسِعَةٌ) وَالصَّوَابُ: (أفرِيقيَا قَارَّةٌ وَاسِعَةٌ) والسَّبَب؛ لأنَّ إفريقيَا مَأخُوذَةٌ مِنَ اللُّغَة الإنجليزيَّة (Africa).

- يَكتُبُونَ: (أرجُو الموَافَقَةَ لِي عَلَى أجَازَة صَيْفيَّة) وَالصَّوَابُ: أرجُو الموَافَقَةَ لِي عَلَى إجَازَة صَيْفيَّة) والسَّبَب؛ لأنَّ الموظَّفَ يُجَازُ مِنْ قِبَل مَرؤوسيهِ، فَهِي مَصدَرُ الفعل (أجَازَ) مثل أقَامَ إقَامَة، أقَالَ إقَالَة.

- يَكتُبُونَ عَلَى شَاشَةِ التِّلفَازِ: (أكْفُل طفْل يَتِيم فِي بَيتكَ) وَالصَّوَابُ: (اكْفُلْ طفْلاً يَتِيمًا فِي بَيتكَ) والسَّبَب؛ لأنَّ هَمزَةَ (اكْفُلْ) هَمزَةُ وصلٍ، أمَّا (طفْلاً) فَتُعْرَبُ مفعُولاً به مَنصُوبًا، (يَتِيمًا) صِفَة مَنصُوبَة.

- يَكتُبُونَ عَلَى شَاشَةِ التِّلفَازِ: (تَطَوَّرَتِ العَلاقَاتُ إِلَى المسْتَوَى الَّتِي هِيَ عَلَيْهِ اليَوْمَ) وَالصَّوَابُ: (تَطَوَّرَتِ العَلاقَاتُ إِلَى المسْتَوَى الَّذِي هِيَ عَلَيْهِ اليَوْمَ) وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ قَوْلَكَ: النَّشَاطُ الَّذِي بَدَأَتْ بِهِ المرْأَةُ، إِغْلاَقُ المَحَطَّتَيْنِ اللَّتَانِ تَقَعُ إِحْدَاهُمَا فِي...

كِتَابَةٌ يَجُوْزُ فِيْهَا الوَجْهَانِ:

1-هَذَا رَجُلٌ بنَّاوِيٌّ (بنَّائيّ).

فَائدَة: لأنَّ النَّسَبَ إلَى الاسم الممدُود إذَا كانَتْ هَمزَتُهُ مُنَقَلبةً عَنْ أصلِ (يَاء أوْ وَاو) جَازَ إبقَاؤهُمَا هَمزَةً أوْ قَلبهُمَا وَاوًا.

2-يَا أُمِّي (أمّ) انتَبهِي ربِّ(ربّي).

3-أسرَعتُ الخُطَى (الخُطَا) إلَى المسجِدِ.

وَكَذَلِكَ الكَلِمَات الآتيَة: الذُّرَا – الذُّرَى) جَمعُ ذُروَة، وهُوَ المكَانُ المرتَفعُ، (الرُّشَا– الرُّشَى) جَمعُ رشوَة وهُوَ مَا يُعْطَى بغَيرِ حَقٍّ.

  • السَّنَا– السَّنىَ وهُوَ الضِّياءُ، (الخَنَا-الخَنَى) وهُوَ الفُحشُ فِي الكَلام، - (الرِّضَا – الرِّضَى) وهُوَ القَبُولُ والرِّضوَانُ.
  • الموسيقَا – الموسيقَى( الرُّبَا- الرُّبَى) جَمعُ رَبوَة.

4-إنِّي أرَى رُءوسًا (رُؤوسًا) قَد أينَعَتْ.

5- لَيتَمَا زَيدًا (زَيدٌ) نَاجِحٌ.

فَائدَة: لأنَّ مَا (الكَافَّة) تَلحَقُ بِإنَّ وَأخَوَاتِهَا فَتكُفّهَا عَنْ عَمَلِهَا مَا عَدَا (لَيتَ) فَيَجُوز إعمَالُهَا أو إهمَالُهَا.

6- نَجحَ الطُّلابُ عَدَا طَالبًا ،طَالبٍ.

فَائدَة: لأنَّ الاسمَ الواقعَ بَعدَ عَدا يُنصَبُ أوْ يجر، ينصب عَلَى أنَّ "عَدَا" فعلٌ مَاضٍ والاسم بَعدَها مفعُولٌ بِهِ، ويُجَرُّ عَلَى أنَّ "عَدَا" حَرف جَر والاسم بعدَها اسمٌ مجرُورٌ.

7- سُورية ،سُوريا) بَلدٌ عَربيٌّ شَقيقٌ.

8- هَذَا رَجُلٌ طَنطِيٌّ (طَنطَاويٌّ، طَنطَويٌّ..)

فَائدَة: لأنَّ فِي النَّسَبِ إلَى الاسم المقصُور إذَا كَانَتْ ألفُهُ رَابعةً والحَرفُ الثَّانِي سَاكنًا، جَازَ أنْ تُحْذَفَ الألفُ وأنْ تُقلَبَ وَاوًا، ويَجُوز مَعَ قَلبهَا وَاوًا أنْ تُزَادَ ألفٌ قَبلَهَا.

9- افعَل (افعَلن) المعرُوف.

فائدة: يَجُوزُ تَوكيدُ الفعل بالنُّون إذَا كَانَ دَالاً عَلَى طَلَب: (أمر – استفهَام – تَمَنٍّ –تَرَجٍّ – نَهي) وَكَذَلكَ قولنا: لا تَتَكَاسَل (تَتَكَاسَلَنَّ ) فَتَندَم، لَيتَ العلمَ يَكشفُ (يَكشِفَنَّ) كُلَّ الأمرَاض، أتَجهَرُ (أتَجهَرَنَّ) برَأيكَ، لَعَلَّ العلمَ يُخرِجُ (يُخرِجَنَّ كُنُوزَ الصَّحَراء، لا تُصْغِ (تُصغِيَنَّ) إلَى الشَّائعَات.10

10- صبرٌ جَميلٌ (صَبرًا جَميلاً) أَبنَاءَ العروبة.

فائدة: فَالتَّقديرُ (أمرهم أوْ حَالهم صَبرٌ جَميلٌ (صَبر: خَبَر لمبتَدَإٍ مَحذُوف، أوْ اصبُرُوا صَبرًا (صبرًا: مفعُول لفعل مَحذُوف)

11- يَا مُسْلِمٌ (مُسْلِمًا) انتَبهْ، الخَطَرُ قَادمٌ.

فائدة: مِنْ أنوَاع النِّدَاء النَّكرَة المقصُودَة وَهِي النَّكرَة التِي قُصِدَ ندَاؤُهَا، فدلَّتْ عَلَى مُعيَّن، وَإعْرَابُ النَّكرَةِ المقصُودَةِ تُبْنَى عَلَى مَا تُرْفع به (مُسْلِمٌ), أمَّا النَّكرَة غَير المقصُودَة هِي التِي لا يُقْصَد بندَائهَا مُعيَّنٌ، بَلْ تَصْدُق عَلَى كُلِّ فَردٍ تَدُلُّ عَلَيه، وإعرابُهَا وُجُوبُ النَّصب (مُسْلِمًا).

12- لا أعجَبُ بالقصص إلا الهَادفِ (الهادفَ) منها.

13- مَا فَازَ السَّباحُونَ غَيرَ (غَيرُ) سَبَّاحٍ.

فائدة: لأنَّهُ فِي حَالَة الاستثنَاء إذَا كَانَ الكَلامُ تَامًّا مَنفيًّا يَجُوزُ نَصبُ غَيرِ عَلَى الاستثنَاء، أوْ إعرابُهَا بَدلاً من المستَثنَى منهُ.

14- أحبُّ الطُّلابَ لا سيَّمَا طَالبٌ (طَالبًا،طَالبٍ) مُجتَهِد.

فائدة: لا نَافيَة للجنس (سِيَّ) اسمُهَا وإعرابُ "مَا" كَالآتى.

- مَا: اسمٌ موصُولٌ، فالاسمُ الواقعُ بَعدَهَا: خبرٌ لمبتَدَإ محذُوف تَقديرُه "هُوَ" (طَالِبٌ)

- مَا: اسمٌ نكرَةٌ مُبهَمٌ، فالاسمُ الواقعُ بَعدَها تَمييزٌ منصُوبٌ (طَالبًا)

- مَا: زَائدَة، فالاسمُ الواقعُ بَعدَها مُضَافٌ إلَيه مَجرُور (طَالِبٍ).

15-- مُكرَهٌ أخَاكَ (أخُوكَ) لا بَطَل.

16- اشتَرَيتُ جِرَامًا ذَهَبًا (جرَامَ ذَهَبٍ أو جرَامًا منْ ذَهَبٍ).

فائدة: إذَا كَانَ المميَّزُ وَزْناً أو كَيلاً أوْ مسَاحَة يَكُونُ منصُوبًا ويَجُوزُ جَرّهُ بالإضَافَةِ أو بِمِنْ.

17- اعمَلْ تَنَلْ (تَنَالُ) مَا تُريدُ.

فائدة: لأنَّ المضَارَعَ يُجزَمُ جَوَازًا إذَا وَقعَ فِي جَواب الطَّلَب، أمْرًا كَانَ، أو نَهْيًا وأساس الجزم يَقُومُ مقَامَ شَرط مَحذُوف، والتَّقدير "إنْ تَعمَل تَنَلْ"، وَكَذَلكَ فِي الجملَة الآتيَة: - لا تَتَعلَّق بالأوهَام يَخلُ (يَخلُو) قلبُكَ منهَا.

18- رَأيتُ رَجُلَين يَملآن (يَملأان) الكيس بالحبُوب.

19-هَذَانِ رَحوَانِ (رَحيَانِ) كَبيرَانِ.

20-عُيُونُ المهوَات ،المهيَات) نَجلاوَاتٌ.....

شاطىء الإبداع

إن الأنظمة المعاصرة تحيل من يبلغ الستين ،أو أكثر بقليل إلى التقاعد مع أن لديه طاقات وضرب مثلا لحفني ناصف  القاضي الشاعر والد باحثة البادية الذي كتب قصيدة إلى رئيس الوزارة عام 1915

صاحب الدولة يا شيخ الوزارة  حاجتي إن شئت تقضى بإشارة

نالها قبلي ألوف لم أكن             دونهم علما ولا أدنى إدارة

ناهز الستين عمري إنما        لم أزل جم القوى جم الجدارة

وإذا لم يشك مثلي علة         هل من الحكمة أن يلزم داره

وحياتي كلها قضيتها...في     القضا طورا وفي التعليم تارة

 إن أولادي على كثرتهم..    .ليس فيهم بعدُ من يكسب بارة

 فإلى التعليم أرجِعنى فلى...خدمات فى الدجى كانت منارة

 أو أرجعني إلى دار القضا...إن لى فى خدمة الحق مهارة

 أو ألحقني بالأزهر كى...     أجعل التعليم وفقا للحضارة

ولأن رئيس الوزراء كان شاعرا ذيّل الكتاب بهذا البيت من الشعر:

ياوزير العلم حقق رغبةً..    .ليس فى تحقيقها أى خسارة

شوقي ودمشق.....!

في ﻋﺎﻡ 1925 ﺯﺍﺭ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺃﺣﻤﺪ ﺷﻮﻗﻲ ﺩﻣﺸﻖ ﻭﺑﺼﺤﺒﺘﻪ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ . ﻭﺃﻗﺎﻡ ﻓﺨﺮﻱ ﺍﻟﺒﺎﺭﻭﺩﻱ ﺣﻔﻠﺔ ﺗﻜﺮﻳﻤﻴﺔ ﻟﺸﻮﻗﻲ ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﺑﺤﻲ ﺍﻟﻘﻨﻮﺍﺕ ﺑﺪﻣﺸﻖ . ﻭﺣﻀﺮ ﺍﻟﺤﻔﻠﺔ ﻧﺨﺒﺔ ﻣﻦ ﻣﺤﺒﻲ ﺍﻟﻄﺮﺏ ﺍﻷﺻﻴﻞ . ﻭﺣﻀﺮﻫﺎ ﺃﻳﻀﺎً ﺍﻟﻤﻄﺮﺏ ﺍﻟﻤﺼﺮﻱ ﺍﻟﺴﻴﺪ ﺍﻟﺼﻔﺘﻲ . ﻭﻏﻨّﻰ ﻟﻴﻠﺘﻬﺎ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ ﻓﺄﺑﺪﻉ . ﻭﺃﻭﻝ ﺃﻏﻨﻴﺔ ﺷﺪﺍ ﺑﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ( ﻛﻢ ﺑﻌﺜﻨﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﺴﻴﻢ ﺳﻼﻣﺎ ) ﺍﻟﺘﻲ ﻟﺤﻨﻬﺎ ﺃﺑﻮ ﺍﻟﻌﻼ ﻣﺤﻤﺪ ﻭﻏﻨﺘﻬﺎ ﺃﻡ ﻛﻠﺜﻮﻡ .

ﺃﻣﺎ ﺃﺣﻤﺪ ﺷﻮﻗﻲ ﻓﻜﺎﻥ ﻳﺠﻠﺲ ﻓﻲ ﺭﻛﻦ ﻣﻦ ﺃﺭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻐﺮﻓﺔ ﻭﻻ ﻳﺘﻜﻠﻢ . ﻭﻛﺄﻧﻪ ﻏﺎﺋﺐ ﻋﻤّﺎ ﺣﻮﻟﻪ . ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺟﻔﻮﻧﻪ ﺗﺮﺗﻌﺶ ﺑﻴﻦ ﻓﻴﻨﺔ ﻭﺃﺧﺮﻯ . ﻭﻓﺠﺄﺓ ﺍﺳﺘﻴﻘﻆ ﻣﻦ ﻏﻴﺒﻮﺑﺘﻪ ﻭﺳﺄﻝ ﻓﺨﺮﻱ ﺍﻟﺒﺎﺭﻭﺩﻱ :

- ﻋﻨﺪﻛﻢ ﻗﺎﻣﻮﺱ؟

ﻓﺄﺟﺎﺑﻪ ﺍﻟﺒﺎﺭﻭﺩﻱ :

- ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻗﻮﺍﻣﻴﺲ .

ﻭﻗﺎﻡ ﻓﺨﺮﻱ ﺍﻟﺒﺎﺭﻭﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺘﺒﻪ، ﻭﺃﺣﻀﺮ ﻟﺸﻮﻗﻲ ﺛﻼﺛﺔ ﻗﻮﺍﻣﻴﺲ ﻫﻲ ( ﺗﺎﺝ ﺍﻟﻌﺮﻭﺱ ) ﻭ ( ﺍﻟﻘﺎﻣﻮﺱ ﺍﻟﻤﺤﻴﻂ ) ﻭ ( ﺃﻗﺮﺏ ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ ) . ﻭﺳﺄﻝ ﺷﻮﻗﻲ ﺍﻟﺒﺎﺭﻭﺩﻱ :

- ﺷﻮﻑ ﻟﻲ .. ﻫﻞ ﻳﺼﺢ ﻟﻐﺔ ﺃﻥ ﻳﻘﺎﻝ ( ﺑﻐﺪﺍﻥ ) ﺑﺎﻟﻨﻮﻥ ﺑﺪﻝ ( ﺑﻐﺪﺍﺩ ) ﺑﺎﻟﺪﺍﻝ؟

ﻭﻓﺘﺢ ﻓﺨﺮﻱ ﺍﻟﺒﺎﺭﻭﺩﻱ ﺍﻟﻘﺎﻣﻮﺱ، ﻭﻗﺎﻝ ﻟﺸﻮﻗﻲ :

- ﻳﺼﺢ .. ﻟﻘﺪ ﻭﺭﺩ ﺍﺳﻤﻬﺎ ( ﺑﻐﺪﺍﺩ ) ﻭ ( ﺑﻐﺪﺍﻥ ) ﻭ ( ﺑﻐﺪﺍﺫ ) .

ﻭﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺍﺳﺘﺨﺪﻡ ﺃﺣﻤﺪ ﺷﻮﻗﻲ ﻛﻠﻤﺔ ( ﺑﻐﺪﺍﻥ ) ﻓﻲ ﺑﻴﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﻳﻘﻮﻝ :

ﻟﻮﻻ ﺩﻣﺸﻖ ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻃﻠﻴﻠﺔ

ﻭﻟﻤﺎ ﺯﻫﺖ ﺑﺒﻨﻲ ﺍﻟﻌﺒﺎﺱ ﺑﻐﺪﺍﻥ

ﻛﺎﻥ ﺃﺣﻤﺪ ﺷﻮﻗﻲ ﻳﻨﻈﻢ ﻗﺼﻴﺪﺗﻪ ﺍﻟﺨﺎﻟﺪﺓ ﻓﻲ ﺩﻣﺸﻖ ( ﻗﻢ ﻧﺎﺝ ﺟﻠﻖ ﻭﺍﻧﺸﺪ ﺭﺳﻢ ﻣﻦ ﺑﺎﻧﻮﺍ ) . ﻭﺍﻛﺘﻤﻠﺖ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﻓﻲ ﺩﻣﺸﻖ . ﻭﺍﺳﺘﻤﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻷﻭﻝ ﻣﺮﺓ ﻓﻲ ﺩﻣﺸﻖ ﻓﻲ ﺣﻔﻞ ﺗﻜﺮﻳﻢ ﺃﻗﻴﻢ ﻷﺣﻤﺪ ﺷﻮﻗﻲ .

ﻓﻔﻲ ﻋﺼﺮ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺴﺒﺖ ﺍﻷﻭﻝ ﻣﻦ ﺷﻬﺮ ﺁﺏ 1925 ﺃﻗﺎﻡ ﺍﻟﻤﺠﻤﻊ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﺍﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﺪﻣﺸﻖ ( ﻣﺠﻤﻊ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺣﺎﻟﻴﺎً ) ﺣﻔﻞ ﺗﻜﺮﻳﻢ ﻷﻣﻴﺮ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﺃﺣﻤﺪ ﺷﻮﻗﻲ

ﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﺯﻳﺎﺭﺗﻪ ﺗﻠﻚ ﻟﺪﻣﺸﻖ، ﻓﺎﺯﺩﺣﻤﺖ ﻗﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﻤﻊ ﻭﺑﺎﺣﺎﺗﻪ ﺑﺎﻟﺤﻀﻮﺭ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻭﻓﺪﻭﺍ ﻟﺤﻀﻮﺭ ﺍﻟﺤﻔﻞ ﻭﻟﻠﺘﻤﺘﻊ ﺑﻤﺮﺃﻯ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ، ﺗﺤﺪﺙ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺃﻧﻮﺭ ﺍﻟﻌﻄﺎﺭ ﻋﻦ ﻭﻗﺎﺋﻊ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺤﻔﻞ ﻓﻘﺎﻝ :

ﺑﺪﺃﺕ ﺍﻟﺤﻔﻠﺔ ﺍﻟﺸﻮﻗﻴﺔ ﻓﺎﻓﺘﺘﺤﻬﺎ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﻤﺠﻤﻊ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﻣﺤﻤﺪ ﻛﺮﺩ ﻋﻠﻲ ﺑﺘﻘﺪﻳﻢ ﺍﻟﻤﺤﺘﻔﻰ ﺑﻪ، ﻓﺎﻋﺘﺬﺭ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻌﺮﺽ ﻟﺸﻌﺮ ﺷﻮﻗﻲ ﻷﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺷﺎﻋﺮﺍً، ﻭﻷﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻣﻦ ﺣﻖ ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﺀ ﻭﺣﺪﻫﻢ، ﻓﺎﻋﺘﻠﻰ ﺍﻟﻤﻨﺒﺮ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺷﻔﻴﻖ ﺟﺒﺮﻱ ﻭﺃﻧﺸﺪ ﻗﺼﻴﺪﺗﻪ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ :

ﻏﻦ َ ﺍﻟﺪﻳـﺎﺭ ﻭﻗــﺪ ﻧﺰﻟـﺖَ ﺑﺂﻟـﻬﺎ

ﻓﻌﺴـﻰ ﺍﻟﻘـﻮﺍﻓـﻲ ﺃﻥ ﺗﺬﻛﺮ ﺁﻟـﻬﺎ

ﻗـﻢ ﻓـﻲ ﺩﻳﺎﺭ ﺑﻨـﻲ ﺃﻣﻴـﺔ ﺑﺎﻛـﻴﺎً

ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺎﻡ ﺇﻥ ﺳﻤﺢ ﺍﻟﻬﻮﻯ ﺃﻃﻼﻟﻬﺎ

ﺛﻢ ﺍﻋﺘﻠﻰ ﺍﻟﻤﻨﺒﺮ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺧﻠﻴﻞ ﻣﺮﺩﻡ ﻭﺃﻧﺸﺪ ﻗﺼﻴﺪﺗﻪ ﺍﻟﺒﻠﻴﻐﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮﻝ ﻣﻄﻠﻌﻬﺎ :

ﻳﺎ ﺷﺎﻋﺮﺍًً ﻭﺍﻟﺪﻫﺮ ﺑﻌﺾ ﺭﻭﺍﺗﻪ

ﺑﺎﺗـﺖ ﻋـﻠﻴﻚ ﺗﺤﺎﺳـﺪ ﺍﻷﻗـﻮﺍﻡ

ﻟﻠﻌﺒﻘـﺮﻳﺔ ﻓـﻲ ﻗﺮﻳﻀـﻚ ﻃﺎﻣـﻊ

ﻭﻋﻠﻴـﻪ ﻣـﻦ ﺃﻱ ﺍﻟﻨﺒـﻮﻍ ﻭﺳـﺎﻡ

ﺛﻢ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻟﻸﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﺠﻠﻴﻞ ﻓﺎﺭﺱ ﺍﻟﺨﻮﺭﻱ ﻓﺄﻓﺎﺽ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﺷﻮﻗﻲ ﻭﻋﻦ ﺷﻌﺮﻩ ﺇﻓﺎﺿﺔ ﺭﺍﺋﻌﺔ ﻃﻴﺒﺔ، ﺛﻢ ﺃﻟﻘﻰ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﻓﺨﺮﻱ ﺍﻟﺒﺎﺭﻭﺩﻱ ﺯﺟﻼً ﺭﻗﻴﻘﺎً ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺮﺣﻴﺐ ﺑﺄﻣﻴﺮ ﺍﻟﺸﻌﺮ .

ﺛﻢ ﺍﻋﺘﻠﻰ ﺍﻟﻤﻨﺒﺮ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﻧﺠﻴﺐ ﺍﻟﺮﻳﺲ ﺻﺎﺣﺐ ﺟﺮﻳﺪﺓ ﺍﻟﻘﺒﺲ ﻟﻴﻨﻮﺏ ﻋﻦ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻓﻲ ﺇﻟﻘﺎﺀ ﻗﺼﻴﺪﺗﻪ ( ﻗﻢ ﻧﺎﺝ ﺟﻠﻖ ) . ﻭﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻋﺎﺩﺓ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺃﻻّ ﻳﻠﻘﻲ ﺷﻌﺮﻩ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﺑﻞ ﻛﺎﻥ ﻳﺪﻓﻌﻪ ﺇﻟﻰ ﺁﺧﺮﻳﻦ ﻳﺘﻠﻮﻥ ﻋﻨﻪ، ﻓﻀﺞ ﺍﻟﺤﻔﻞ ﺑﺎﻟﺘﺼﻔﻴﻖ ﻭﺍﻟﻬﺘﺎﻑ ﻃﺎﻟﺒﻴﻦ ﺃﻥ ﻳﺮﻭﺍ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ . ﻓﻠﺒﻰ ﺷﻮﻗﻲ ﺍﻟﻄﻠﺐ ﻭﻭﻗﻒ ﺇﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﺍﻷﺳﺘﺎﺫ ﺍﻟﺮﻳﺲ ﺣﺘﻰ ﺃﺗﻢ ﺇﻟﻘﺎﺀ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ

ﻗُﻢْ ﻧَﺎﺝِ ﺟِﻠَّﻖَ ﻭﺍﻧْﺸُﺪْ ﺭَﺳْـﻢَ ﻣَﻦْ ﺑَﺎﻧُﻮﺍ

ﻣَﺸَﺖْ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﺮّﺳْﻢِ ﺃَﺣْﺪَﺍﺙٌ ﻭَﺃَﺯْﻣَﺎﻥُ

ﻫَﺬﺍ ﺍﻷَﺩﻳـﻢُ ﻛِﺘﺎﺏٌ ﻻ ﺍﻧْﻜِﻔَـﺎﺀَ ﻟَـﻪُ

ﺭَﺙُّ ﺍﻟﺼَّﺤَﺎﺋِﻒِ، ﺑَﺎﻕٍ ﻣِﻨْﻪُ ﻋُـﻨْﻮﺍﻥُ

ﺑَﻨُـﻮ ﺃُﻣَـﻴَّـﺔَ ﻟﻸﻧْﺒَـﺎﺀِ ﻣَﺎ ﻓَﺘَﺤُـﻮﺍ

ﻭَﻟﻸﺣَـﺎﺩِﻳﺚِ ﻣَﺎ ﺳَـﺎﺩُﻭﺍ ﻭَﻣَﺎ ﺩَﺍﻧُﻮﺍ

ﻛَـﺎﻧﻮﺍ ﻣُﻠُﻮﻛﺎً، ﺳَﺮِﻳﺮُ ﺍﻟﺸّﺮﻕِ ﺗَﺤْﺘَﻬُﻢُ

ﻓَﻬَﻞْ ﺳَﺄَﻟْﺖَ ﺳَﺮﻳﺮَ ﺍﻟﻐَﺮْﺏِ ﻣَﺎ ﻛَﺎﻧُﻮﺍ؟

ﻋَﺎﻟﻴﻦَ ﻛَﺎﻟﺸَّﻤْﺲِ ﻓﻲ ﺃَﻃْﺮَﺍﻑِ ﺩَﻭْﻟَﺘِﻬﺎ

ﻓﻲ ﻛُﻞِّ ﻧَﺎﺣِـﻴَـﺔٍٍ ﻣُﻠْﻚٌ ﻭَﺳُﻠْﻄَـﺎﻥُ

ﻟَﻮْﻻ ﺩِﻣَﺸْـﻖُ ﻟَﻤَﺎ ﻛَﺎﻧَـﺖْ ﻃُﻠَـﻴْﻄِﻠَﺔٌ

ﻭَﻻ ﺯَﻫَـﺖْ ﺑِﺒَﻨﻲ ﺍﻟﻌَﺒَّـﺎﺱِ ﺑَﻐْﺪﺍﻥُ

ﻗَﺎﻝَ ﺍﻟﺮّﻓَﺎﻕُ ﻭَﻗَـﺪْ ﻫَﺒَّـﺖْ ﺧَﻤَﺎﺋِﻠُﻬـﺎ :

ﺍﻷﺭْﺽُ ﺩَﺍﺭٌ ﻟَﻬَﺎ ( ﺍﻟﻔَﻴْﺤَـﺎﺀُ ) ﺑُﺴْﺘﺎﻥُ

ﺟَـﺮَﻯ ﻭَﺻَﻔَّﻖَ ﻳَﻠْﻘَﺎﻧﺎ ﺑِﻬﺎ ( ﺑَﺮَﺩﻯ )

ﻛَﻤَﺎ ﺗَﻠﻘَّـﺎﻙَ ﺩُﻭﻥَ ﺍﻟﺨُﻠْـﺪِ ﺭُﺿْـﻮﺍﻥُ

ﺩَﺧَـﻠْﺘُﻬﺎ ﻭَﺣَﻮﺍﺷِـﻴﻬﺎ ﺯُﻣُـﺮُّﺩَﺓٌ

ﻭﺍﻟﺸَّﻤْﺲُ ﻓَﻮﻕَ ﻟُﺠَﻴْﻦِ ﺍﻟﻤَـﺎﺀِ ﻋِﻘْﻴﺎﻥُ

ﻭﺍﻟﺤُﻮﺭُ ﻓﻲ ( ﺩُﻣَّﺮَ ) ﺃﻭ ﺣَﻮْﻝَ ( ﻫَﺎﻣَﺘِﻬﺎ )

ﺣُﻮﺭٌ ﻛَﻮﺍﺷِﻒُ ﻋَﻦْ ﺳَـﺎﻕٍ ، ﻭَﻭِﻟْﺪَﺍﻥُ

ﻭ ( ﺭَﺑْﻮَﺓُ ) ﺍﻟﻮَﺍﺩِ ﻓﻲ ﺟِﻠْﺒَﺎﺏِ ﺭَﺍﻗِﺼَﺔٍ

ﺍﻟﺴَّـﺎﻕُ ﻛَﺎﺳِـﻴَﺔٌ، ﻭَﺍﻟﻨَّﺤْـﺮُ ﻋَﺮْﻳَﺎﻥُ

ﻭَﺍﻟﻄّﻴْﺮُ ﺗَﺼْﺪَﺡُ ﻣِﻦْ ﺧَﻠْﻒِ ﺍﻟﻌُﻴُﻮﻥِ ﺑِﻬﺎ

ﻭَﻟِﻠﻌُﻴُـﻮﻥِ ، ﻛَـﻤَﺎ ﻟِﻠﻄَّﻴْـﺮِ ﺃَﻟْﺤَـﺎﻥُ

ﻭَﺃﻗْﺒﻠَـﺖْ ﺑﺎﻟﻨَّﺒﺎﺕِ ﺍﻷَﺭْﺽُ ﻣُﺨْﺘَﻠِﻔَـﺎً

ﺃَﻓْـﻮَﺍﻓُـﻪُ ، ﻓَـﻬُـﻮَ ﺃَﺻْﺒَﺎﻍٌ ﻭَﺃَﻟْﻮَﺍﻥُ

ﻭَﻗَﺪْ ﺻَﻔَﺎ ( ﺑَﺮَﺩَﻯ ) ﻟِﻠﺮِّﻳﺢِ ﻓَﺎﺑْﺘَﺮَﺩَﺕْ

ﻟَﺪَﻯ ﺳُـﺘُﻮﺭٍ، ﺣَﻮَﺍﺷِﻴﻬِـﻦَّ ﺃَﻓْﻨَـﺎﻥُ

ﻳﺎ ﻓِﺘْﻴَﺔَ ﺍﻟﺸَّﺎﻡِ، ﺷُﻜْﺮَﺍً ﻻ ﺍﻧْﻘِﻀَﺎﺀَ ﻟَﻪُ

ﻟَﻮ ﺃﻥَّ ﺇﺣﺴَﺎﻧَﻜْـﻢْ ﻳَﺠْﺰﻳﻪِ ﺷُـﻜْﺮَﺍﻥُ

ﻣﺎ ﻓَﻮْﻕَ ﺭَﺍﺣَﺎﺗِﻜُﻢْ ﻳَـﻮْﻡَ ﺍﻟﺴَّﻤَﺎﺡِ ﻳَﺪٌ

ﻭَﻻ ﻛَﺄَﻭْﻃﺎﻧِﻜـﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺸـﺮِ ﺃﻭﻃﺎﻥُ

ﺧَﻤِﻴﻠَـﺔُ ﺍﻟﻠﻪ ﻭَﺷَّـﺘْﻬَﺎ ﻳَـﺪَﺍﻩُ ﻟَﻜُـﻢْ

ﻓَﻬَـﻞْ ﻟَـﻬَﺎ ﻗﻴِّﻢٌ ﻣِـﻨْﻜُـﻢُ ﻭَﺟَﻨَّـﺎﻥُ

ﺷَﻴِّﺪُﻭﺍ ﻟَﻬَﺎ ﺍﻟﻤُﻠْﻚَ ﻭَﺍﺑْﻨُﻮﺍ ﺭُﻛْﻦَ ﺩَﻭﻟَﺘِﻬﺎ

ﻓﺎﻟﻤُﻠْـﻚُ ﻏَـﺮْﺱٌ ، ﻭﺗَﺠْﺪﻳﺪٌ، ﻭﺑُﻨْﻴﺎﻥُ

ﺍﻟﻤُﻠْﻚُ ﺃَﻥْ ﺗَﻌْﻤَﻠﻮﺍ ﻣَﺎ ﺍﺳﺘَﻄَﻌْﺘُﻤﻮ ﻋَﻤَﻼً

ﻭَﺃَﻥْ ﻳَﺒِﻴـﻦَ ﻋَﻠﻰ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝِ ﺇﺗْـﻘـﺎﻥُ

ﺍﻟﻤُﻠﻚُ ﺃَﻥْ ﺗُﺨْـﺮَﺝَ ﺍﻷَﻣْﻮﺍﻝُ ﻧَﺎﺷِﻄَﺔً

ﻟِﻤَﻄْﻠَﺐٍ ﻓـِﻴـﻪِ ﺇﺻْـﻼﺡٌ ﻭﻋُﻤﺮﺍﻥُ

ﺍﻟﻤﻠﻚُ ﺃﻥ ﺗَﺘَﻼﻗُـﻮﺍ ﻓﻲ ﻫَﻮَﻯ ﻭَﻃَﻦٍ

ﺗَﻔَـﺮَّﻗَـﺖْ ﻓِﻴـﻪ ﺃَﺟْـﻨَﺎﺱٌ ﻭَﺃَﺩْﻳـﺎﻥُ

.

أبواب المجلة

Scroll to Top